×
محافظة المنطقة الشرقية

الهلال يلتقي الرائد والشباب يحل ضيفا على العروبة والتعاون يستضيف الاتحاد

صورة الخبر

بعد أقل من شهر من اليوم نحن على موعد مع إعلان الميزانية العامة للدولة، ولأن الدولة هي أكبر موظف وأكبر مشتري للسلع والخدمات و المحقق للتنمية البشرية والاقتصادية، فإن الناس تهتم بميزانيتها، والكل يستطلع فوائضها أو عجزها ليستقرئ أثرها في معيشته ومعاشه، ونتيجة لانخفاض أسعار البترول فربما تعلن ميزانية العام المقبل بحجم أقل من ميزانية هذا العام أو تكون أكبر ويعوض العجز من الاحتياطي النقدي للدولة، وفي كلتا الحالتين، نحن أمام حقيقة باتت واضحة بجلاء وهي أن العائد التنموي لكثير من المشاريع و الخدمات الحكومية لم يتحقق كما كان مخطط له أو كما كان مأمول به. فتأخر تنفيذ أو تعثر بعض المشاريع ماثل بلا حلول جذرية، وازدياد تكاليف المعيشة بات يضغط لتحقيق زيادات في الرواتب و البدلات لم يصمد أمامها أرباب الجهاز الحكومي فانتشرت ظاهرة خارج الدوام بلا دوام والانتدابات الصورية، كوسيلة لإرضاء المتذمرين وذوي الأصوات العالية، هذا إلى جانب تزايد التغاضي عن مخالفات نظام المشتريات الحكومية من قبل الجهات الرقابية في الدولة وتفشي ظاهرة تقسيم المشاريع لتفادي المنافسة العامة والمبالغة في عمليات الشراء المباشر و كثرة السلف النقدية بيد الموظفين والتراخي في ضبطها، كل هذا شكل ظاهرة مقلقة تتمثل في هدر للمال العام. في مقابلة مشهورة لمعالي رئيس هيئة مكافحة الفساد (نزاهة) قال فيها « إن التقصيرمن قبل الجهات الحكومية بمتابعة ومراقبة الخدمات والمشاريع، يوصف بأنه «إهمال» يندرج ضمن مفهوم الفساد لا شك، لكن قد لا يكون فسادا مقصودا مثل: الرشوة، واستغلال المال العام، وإساءة استخدام السلطة «، وأنا أقول نعم، أن التقصير والذي يبلغ ذروته بالإهمال، هو باب من أبواب الفساد. و لو أن التقصير في القطاعات الحكومية له أسباب كثيرة من أهمها ضعف التوجيه الإداري وتضارب الصلاحيات وضياع المسؤوليات وكلها أسباب تتعلق بمدى جدارة وكفاءة القيادة المؤسسية، ورغم أن (نزاهة) تعرف التقصير على أنه من الفساد، فهي لم تضع معايير لقياس التقصير أو مكافحته، مما يوحي بأنه أقل من أن يكون أولوية لها ضمن أولويات أكثر إلحاحاً، ولكن هناك فساد في نظري أكثر أهمية من أي شكل آخر للفساد، ويكمن خطر هذا النوع من الفساد في انتشاره وشيوعه في معظم أجهزة الدولة، و قبوله كبوادر في بعض الأحيان لتخطي القيود النظامية بحجة الفاعلية وتخطي الروتين الحكومي، هذا الفساد يتمثل في التجاوزات الإرادية الواعية لنظام المشتريات الحكومية، وسلبه من آليات تحقيق العدالة في المنافسة وضمان الاستفادة المثلى من المصروفات الحكومية، ويتمثل أيضا في كثرة المناقلات بين البنود واختراع برامج و مشاريع وهمية أحياناً لصرف الفوائض المتحققه في بعض البنود، وتحميل كثير من المشاريع والبرامج مصاريف لا علاقة لها بذلك، كل هذا هو هدر إرادي مع سبق الإصرار للمال العام، والحجج التي تبرر ذلك وإن كانت واهية فهي مقبولة في العرف البيروقراطي الجديد والذي بات يسيطر على كثير من الأجهزة الحكومية. هدر المال العام هو جريمة في حق الأمانة، ومهما كانت المبررات فهو باب واسع للفساد والإثراء غير المشروع لمن ضعفت لديه الأمانة من موظفي الدولة، وهو باعث للإهمال، لمن يرى ويسمع عن مخالفات جارحة للنظام وعلى رؤوس الأشهاد. الحجة في أن البيروقراطية الحكومية أصبحت عائقاً لفاعلية إنجاز المشاريع وتحسين الخدمات وأن تخطيها يمثل انتصاراً جريئا للإنجاز، هو حق أريد به باطل، ومع ذلك لا بد من الإسراع في تطوير الإجراءات الحكومية التي تتيح الإنجاز وتضبط الرقابة، فنظام المشتريات الحكومية بحاجة لمراجعة شاملة وأتمتة مركزية وتفصيل عملي للائحته التنفيذية، والإسراع في وضع معايير قياس الأداء الحكومي وتطبيقها ومحاسبة القصور فتحقيق معدلات الشفافية وتطبيق الحوكمة في الإجراءات الحكومية، وتطوير إدارة الميزانيات في الأجهزة الحكومية والحد من المناقلات بين البنود، وقبل ذلك تطوير كفاءة الأجهزة الرقابية داخل الأجهزة الحكومية، وتحريرها من السلطة الإدارية لمدير الجهاز الحكومي أو القطاع.