مكانة ثقافية متميزة مرموقة هي تلك التي تحتلها بلادنا اليوم بين دول العالم، فلم تعد دول الغرب والشرق تنظر الى بلادنا تلك النظرة الضيقة المحدودة، حيث كانت المفاهيم الخاطئة التي تدور في رؤوس الناس في كثير من بلاد هذه الدنيا هي أن المملكة لا يوجد في أرضها غير مجموعة من الآبار النفطية، ناسين أو متناسين أنها مهد اللغة العربية ومنبع الشعر والأدب، ناهيك أنها مهبط القرآن الكريم بمعجزاته البيانية، وناسين أو متناسين أيضا أن المملكة في عصرها الراهن تزخر بحركة ثقافية لا يمكن الاستهانة بمنجزاتها ومعطياتها. إن بلادنا تمور بأنشطة ثقافية وأدبية وفكرية لا بد من الفخر والاعتزاز بها، فأدباؤنا ومفكرونا ليسوا بمعزل عن الأنشطة الفكرية التي تدور في العالم كله فتضيف رصيدا جديدا الى أرصدة الفكر بمناحيه العامة، فقد تأثرت حركتنا الفكرية بما يموج في هذا العالم وأثرت فيه أيضا، فلا مجال اذن لإغفال الدور الثقافي الحيوي الذي تقوم به مؤسساتنا الثقافية، وهي واضحة للعيان بما يمنحها حرية المشاركة الكاملة في رفد الفكر، ويبعدها عن محاولة عزلها الثقافي عن العالم. ان ما تشهده بلادنا اليوم من حيوية ثقافية واضحة جلية ينبع في أساسه من الوعي المطلق بأننا أمة ذات تراث عريق، ومن الوعي كذلك بأننا قادرون على السعي لاضافة عطاءاتنا والرقي بها بطريقة لاتخل بمقوماتنا الفكرية الأساسية. إن لنا خصوصيتنا الثقافية المتميزة المستمدة من عقيدتنا الاسلامية العظيمة، غير أن ذلك لا يعني تقوقعنا على ذاتنا، فلم تكن عقيدتنا الراسخة ذات يوم هي عقيدة تخلف وجمود، وإنما هي عقيدة حركة وابداع وحياة، وهذا يعني أن لنا بنية ثقافية خاصة مستمدة من كتاب الله، فهو كتاب يمثل دستورنا الذي نحتكم اليه ونحكمه في كل أمورنا، فنحن مطمئنون اذن لكل تطور فكري يستند في أساسياته الى هذا الدستور القويم. بلادنا تعيش اليوم في اطار نهضة فكرية مشهودة لا بد من الاشادة بها والوقوف أمام انجازاتها الكبرى بفخر واعتزاز، فالأندية الأدبية التي ما زالت تحتضن هذه النهضة وترعاها تتمتع بأدوار حيوية هامة، وقد كان وما زال لها باع طويل في رفد الأنشطة الثقافية في كل أجزاء مملكتنا المترامية الأطراف من محاضرات وأمسيات ومطبوعات، وقد كان لها الفضل كل الفضل في تعريف أدبائنا بإخوانهم من الأقطار العربية الذين يفدون الى هذه الأندية لإحياء بعض أمسياتها، وقد استطاعت بالفعل أن تستقطب اهتمامات الجميع. لقد اضطلعت بدور حيوي هام في الداخل والخارج، فهي فيا الوقت الذي شجعت وما زالت تشجع فيه النهضة الفكرية الجيدة التي تشهدها بلادنا في خضم ما تشهده من نهضة شاملة في كافة المجالات والميادين، فإنها استطاعت في الوقت ذاته أن تكون حلقة وصل بين معطيات ثقافتنا وبين تجارب الآخرين. أنديتنا الأدبية بحمد الله وتوفيقه وبدعم غير محدود من حكومتنا الرشيدة تؤدي الآن أدوارها بفاعلية وحيوية كبيرتين، وقد كان لأدوارها هذه صدى عظيما متناميا لا سيما فيما يتعلق بإصداراتها الثقافية والفكرية في عالمنا العربي الكبير. إنها تقوم بدور ريادي متفرد من أولى مهامه رفد الثقافة في بلدنا وفق برامج متميزة ومدروسة تهدف الى نشر المعرفة والفكر في الداخل والخارج بما يساهم عمليا في تنشيط حركتنا الثقافية ودعمها وتنميتها حتى تأخذ دورها الطبيعي بين ثقافات الأمم والشعوب. ستظل أنديتنا الأدبية بأنشطتها الحالية الفاعلة رمزا من أهم رموز حركتنا الثقافية بالمملكة، ونتطلع جميعا الى مزيد من تطويرها وتحديثها وتعميمها، فما تشهده ساحتنا الثقافية من تطور متنام وسريع يعود بالدرجة الأولى الى استقرار هذه الديار وأمنها تحت ظل قيادة رشيدة أبت الا أن يكون للثقافة جزء هام من اهتماماتها فقامت بانشاء هذه الأندية الأدبية التي تعد معلما هاما من معالم نهضتنا الثقافية، وعلامة مميزة من علاملات تقدمنا الفكري، ولاشك أن أنديتنا مطالبة بالمزيد من الجهد، ومثقفينا مطالبون بمزيد من العطاء.