في كتابه «رواية الفتيان.. خصائص الفن والموضوعات» للباحث العراقي نجم عبدالله كاظم أستاذ النقد والأدب المقارن والحديث في كلية الآداب في جامعة بغداد، نلحظ ثراء غير محدود بالمعلومات المتعلقة بأدب الفتيان والأطفال متحدثا عنه من نواح متعددة ومقدما معلومات تاريخية وافية عن نشأته وتطوراته. وفي القسم الأكبر من الكتاب تناول الباحث أدب الفتيان والأطفال في العراق منذ نشأته حتى الأيام الحاضرة. الكتاب يعتبر مرجعا كذلك عن هذا النوع من الأدب ونشأته في بلدان الغرب المختلفة. وقال الباحث إن ما يسمى بأدب الفتيان أو صغار الراشدين قد لا يكون كيانا مستقلا عن هذا الذي يشمله مفهوم أدب الأطفال بل إننا لا نكاد نجد له من وجود حقيقي واضح وهذا لا يعني أن لا وجود له فعلا بل هو عادة ما يكون ضمن هذا الأدب وامتدادا له». ويتحدث عن الأسلوب في كتابة هذا الأدب فيقول: «نكون أمام أحد أكثر عناصر الكتابة للأطفال والفتيان عموما وكتابة رواياتهم وقصصهم خصوصا اختلافا في المستوى والتعبير ونوع اللغة والمفردات عنه في الكتابة للكبار. وإذا ما كان أكثر ما يرتبط به أو يقوم عليه الأسلوب هو اللغة فإن هذا يعني أنها تكتسب أهمية غير عادية مقارنة به في كتابات الكبار». ويشير إلى أن «القارئ الصغير هو أذكى وأكثر حساسية في التلقي وأصعب مراسا في الإقناع بما يكتب له من القارئ الكبير. ومن هنا كان من الطبيعي أن يصطف إلى جانب (الموهبة) بوصفها مطلبا أساسيا ما يبنى عليه من مطلب مهم آخر هو ما نسميه (الحرفية) التي تأتي بعد توفر الموهبة من الدربة والمران مقرونتين بالثقافة». ووصف الأمر بأنه أقرب «إلى ما يطلق عليه في عموم الكتابة والإبداع الأسلوب السهل الممتنع بمعنى أن يجد كتابا أو حتى غير كتاب هذا الذي يكتب أو يؤلف للأطفال والفتيان على أنه سهل ولكن حين يحاولون أن يحاكوه ليكتبوا ويؤلفوا يجدون أنفسهم إما عاجزين عن ذلك فيتراجعون... أو يستمر انخداعهم بذلك فيكتبون... فيقع الكثير منهم في مطب الضعف والسذاجة». ويرى الباحث أن «الخيال ضرورة لنا قبل أن يكون ضرورة خاصة بالطفل ولكنه للطفل أكثر أهمية وأمضى دورا في ذاته وحياته وما يشاهده أو يستمع إليه أو يقرؤه. بل إن الخيال بالنسية للطفل ضرورة نفسية وفكرية؛ لأنه بمنزلة المنظار الذي يرى من خلاله المحيط به ويفسر الظواهر ويقربها إلى وعيه. إنه الوسيط المقنع الذي يرمم الفجوة بين مدركات الطفل وخبرته المحدودة وبين ظواهر العالم المعقدة التي يبدأ بملاحظتها منذ أن ينضج وعيه على العالم حوله». وتطرق إلى التشويق فقال إنه عامل مهم في أدب الفتيان «فإن هذه السمة أو الخاصية لتحتل أهمية في قصة ورواية الصغار أكثر منها في أي نوع كتابي آخر». وعن الأسلوب واللغة في كتابة روايات وقصص الطفل قال الباحث: «بدلا من القول بالتبسيط الذي ليس هو خطأ بالمطلق إذا فهمناه كما يجب ولم نبالغ فيه لنقل إنها لغة وأسلوب خاصان لا بد من توفر عناصر وشروط فيهما منها أن يراعى طول الجملة... على الكتابة الموجهة للصغير الباحث عن الغاية والمعنى والإثارة أكثر منه عن الفصاحة والجمال والبديع حتى مع التسليم بحبه للجمال والإثارة التي تحققها الكلمة والجملة». وتحدث عن الحوار وعن جوانب منه فقال «أولا لغته وثانيا ما يعبر عنه صراحة أي الغرض الذي يقال من أجله وثالثا ما يمكن أن يقوم به من دور في الحديث بشكل خاص والعمل الروائي بشكل عام ورابعا ما يعكسه ضمنا من ذات المتكلم به نعني الشخصية الروائية». وعن عما ينبغي أن نكتب للأطفال نقل كاظم عن هادي نعمان الهيتي في كتابه أدب الأطفال نقاطا عديدة منها قوله «نحن نطمح إلى بناء إنسان جديد عن طريق تنمية شخصيات الأطفال... ونريد صقل سلوك أطفالنا وفق قيم وقوانين وتريتهم تربية أخلاقية... ونريد إعداد الطفل ليعيش إيجابيا في المجتمع ويختلط بالآخرين دون أن يضحي بصفاته... ونريد أن يلتزم الأطفال بالنظام الصحيح... ونريد تقوية روح التضامن والتعاون بين الأطفال... وكسب الثقة بالنفس... وينبغي تنمية الشجاعة والجرأة في نفوس الأطفال».