×
محافظة الرياض

قرب تشغيل وحدة غسيل الكلى في مستشفى ضرماء العام

صورة الخبر

متى يأتي المستقبل بالضبط؟ وهل يأتي أصلا أم نبقى دائما في حالة انتظار له؟ أم لعله أتى وانتهى ولم يبق شيء لم نجربه أو نراه وننجزه !! وحين نتحدث عن "المستقبل" ماذا نعني بهذه الكلمة على وجه التحديد؟ .. هل نتحدث عن شيء جديد ومختلف، أم نستلهم من الماضي والحاضر ما نُلبسه على الآتي والقادم!؟ ... في الحقيقة أي جواب تطرحه يؤكد جهلنا بطبيعة المستقبل وضبابية تعريفه في أدمغتنا.. ولكن حين نمزج كافة الأجوبة يمكننا الخروج بتعريف أقرب للدقة مفاده: إننا في حالة انتظار دائم لمستقبل لا يمكن التنبؤ به.....! فالمستقبل هو الجزرة التي تفصلنا عنها عصا تدفعها للأمام كلما اقتربنا منها .. حالنا مع المستقبل هو حال كل من يقرأ قوله تعالى (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق(.. ففي أي عصر تقرأ فيه هذه الآية ستشعر بالمستقبل بفضل حرف السين (في كلمة سنريهم) التي تجعل من يقرأها سواء قبل ألف عام (أو بعد ألف عام من الآن) لا يسعه غير التفكير بالآيات والآفاق التي (س)يراها تاليا !! مشكلتنا الوحيدة مع المستقبل أنه لا يمكن التنبؤ به ويسبق دائما أفضل خيالات الانسان .. فهو ببساطة يملك معاييره الخاصة وغير المتوقعة في حين نبني نحن توقعاتنا على خبرات الحاضر وتجارب الماضي .. فحين فتح الملك عبدالعزيز الرياض مثلا لم يكن أحد قادرا على التنبؤ بمستقبل يبني فيه دولة بهذا الحجم (لماذا؟) لأن أحدا لم يفعل ذلك من قبل؟ وحين اخترع الأخوان رايت أول طائرة ميكانيكية كذبت مجلة ساينتفك العريقة هذا الخبر (لماذا؟) لأن خبرات الماضي تؤكد "استحالة تحليق أي جسم أثقل من الهواء في الجو"! وحين قطع بيل جيتس دراسة المحاماة في جامعة هارفارد غضب منه والده المحامي (لماذا؟) لأن أحدا من عائلته لم يؤسس من قبل شركة كميكروسوفت أو يصبح أغنى رجل في العالم؟ ... الاستثناء الوحيد من تعريفي السابق للمستقبل (والذي بسببه تركت نقاطا مفتوحة) هو إمكانية التنبؤ بالخطوة "التالية" كامتداد لما يحصل في "الحاضر".. فالحاضر فقط، يمكنه فقط إخبارنا بالمستقبل القريب.. والحاضر فقط يتيح لنا التنبؤ بالنتيجة التالية المنبثقة منه.. وحتى هذه غير مؤكدة بنسبة 100% ولا تختلف عن قدرتك على التنبؤ بخطوة غريمك القادمة في الشطرنج أو البلوت (فهي محتملة فقط، في حين التنبؤ بخطوتين أو ثلاث تصبح مستحيلة).. حتى الحالمون من الناس يمكنهم فقط التنبؤ بالخطوة القادمة ولكن ليس لأبعد من ذلك أبدا... فالخطوة القادمة والواضحة للملك عبدالعزيز مثلا كانت فتح الرياض، أما إخضاع معظم الجزيرة العربية فكان حلما كبيرا يستعصى على الجميع توقعه أو حتى تخيله!! الخطوة المستقبلية الواضحة للأخوين رايت كانت التحليق بطائرتهما الخشبية، ولكنهما لم يتصورا أبدا اختراق الطائرات لحاجز الصوت أو طيران الانسان حول القمر (وفي الحقيقة كانا ما يزالان على قيد الحياة حين هبط أرمسترونج على القمر عام 1969) !! الخطوة الأولى والقريبة والواضحة لبيل جيتس كانت تأسيس شركة ميكروسوفت واحتكار برمجيات التشغيل، ولكنه لم يتصور سيطرة الانترنت في المستقبل وفاتته بالتالي الأسبقية التي ذهبت لجوجل والشبكات الاجتماعية !! ... وبناء عليه ؛ دعني أُعد صياغة تعريفي السابق للمستقبل على النحو التالي: المستقبل لا يصل أبدا ولا يمكن التنبؤ به (باستثناء) الخطوة التالية لما نعيشه في الحاضر!!