إن كان المبهج في ثورة البوعزيزي التونسية الخضراء هو نهايتها بانتخابات دستورية ورئاسية، شهد العالم كله بصدقها ونضجها، فإن المبهج في ثورة (25 يناير) المصراوية أنها اندلعت بإرادة الشعب العظيم؛ مفاجئةً حتى المخابرات الأمريكاوية، التي ظلت أوباميتها الشهيرة (يمقن إيه يمقن لا) مترددةً في الاعتراف بها نحو شهر، ثم حاولت اختطافها عن طريق (الإخوان)، حيث ورطتهم في الانتخابات الرئاسية، رغم تعهد قيادييها المتكرر بأنهم لن يرشحوا رئيساً لمصر!! ولم يستغرب أحدٌ كذبهم؛ فهم (ككثيرٍ من مغتصبي السلطة العرب) لا يفهمون من السياسة إلا فن الكذب والتكذيب! ولكن لم يصدق أحدٌ أن يسقطوا (شعبياً) بتلك السرعة! ويشاء القدر المصراوي الجميل أن يأتي حكم القضاء المستقل العريق، بتبرئة الرئيس (المتنحي وليس المخلوع ولا الهارب)، متزامناً مع حكم القضاء الأمريكي المستقل العريق أيضاً، بتبرئة شرطي من (تَعَمُّد) قتل مواطن (أيوه لأنه أمريكي بالنون وليس بالتنوين)؛ ليضع إدارة (يمقن إيه يمقن لا) بين خيارين لا ثالث لهما: إما حماية القانون المحترم حسب الدستور الذي انتخبت الحكومة بناءً عليه، وإما الاستجابة لغوغائية الجماهير، التي لا تعرف من تفاصيل القضية سوى لوني الجاني والمجني عليه!! بل إن السياسي الأمريكي يعي جيداً أن الخيار الثاني غير مطروحٍ إطلاقاً! فكيف ترضاه إدارتها الخارجية لبقية الشعوب: كالعراق، وأوكرانيا؟ لقد جاء حكم القضاء المصري ليؤكد أن الجيش المحترف تدخل في (30 يوليو 2013م)؛ لتحرير القضاء نفسه من أي اختطاف شعبي هوائي، أو إخواني آيديولوجي، وليس للحد من استقلاليته، كما فعل عسكر انقلاب (1952)! ومرارةً أخرى نكرر سؤال (25 يناير): طب وبعدين؟ وما الذي سيجنيه المستقبل من محاكمة الماضي؛ حتى لو انتهت بإدانة كل الرؤساء العسكر وأعوانهم، وتقطيعهم حتت بعدد الشعب المصراوي كله؟ وهو السؤال الذي طرحناه (فيذا) بعد سيل جدة الأول 2009، وقلنا بالحرف: ماذا يستفيد الناس من معرفة المسؤول عن هذه الكارثة وإدانته وسجنه أو إعدامه؟ لو كان (ذبيحة) ما عشَّى ورثة ضحايا بالوعة واحدة! لن ينفع الوطن غير الإصلاح الحقيقي، الذي إن تمَّ فعلاً فلن يسأل الجمهور الكِتْكِتْ عن... ماذا؟ ألست تقرأ (بعد النسيان)؟؟؟؟ نقلا عن مكة