الجزائر: بوعلام غمراسة لندن: «الشرق الأوسط» قال علي بن فليس، رئيس الوزراء الجزائري سابقا، إن التعديل الدستوري المرتقب «أصبح في نظر معشر الجزائريات والجزائريين، كسراب يتحكم فيه النظام السياسي القائم بقدرة سحرية يظهره متى يشاء ويخفيه متى يشاء»، في إشارة إلى حديث الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الثلاثاء الماضي، عن تمسكه بتعديل الدستور، في وقت احتدم فيه جدل حول «تراجعه عن المسعى». وذكر بن فليس، أمس، في اجتماع للمعارضة عقد بوهران (450 كم غرب العاصمة) «منذ خمسة أيام، اطلعنا على رسالة يبدو أن المراسل فيها هو المسؤول الأول في البلاد، والمُرسل إليه هو لقاء أفريقي للمجالس والمحاكم الدستورية، وموضوع الرسالة أن الجزائر مقبلة على تعديل دستوري، لا يعني ولا يهم هذا اللقاء لا من قريب ولا من بعيد». وأضاف موضحا «مثل هذا التصرف أقل ما يمكن القول بشأنه هو أنه يستفز مشاعر شعب بأكمله ويستصغر مكانة أمة برمتها، ويثير الكثير من المعاينات التي يمتزج فيها ما هو عجيب وغريب بما هو محزن ومحبط. فمعاملة كهذه تثير فعلا التعجب والاستغراب، كما تغذي في نفوس كل الأحرار الغيورين على سمعة ومرتبة بلدهم بين الأمم مشاعر الحزن والألم أمام ما آلت إليه الأمور في دولتنا الوطنية». ويفهم من كلام بن فليس أنه رفض أن يخوض الرئيس بوتفليقة في قضية مهمة مثل الدستور، أمام مشاركين أجانب في مؤتمر يبحث تطور الدساتير الأفريقية. وقد تم ذلك في خطاب للرئيس قرأه نيابة عنه أحد مستشاريه. وقال بوتفليقة في هذا الخطاب إنه لا يزال متمسكا بالدستور الذي أعن عن تعديله في ربيع عام 2011، لكنه لم يقدم على هذه الخطوة لأسباب مجهولة. ولم يذكر الرئيس متى سيتم التعديل. وأفاد بن فليس بشأن عدم قراءة بوتفليقة للخطاب بنفسه بأن «شكل الرسالة جاء ليضيف دلالة إلى الدلالات الثابتة الأخرى، عن شغور السلطة. فكيف لمشروع بحجم مراجعة أسمى قانون في جمهوريتنا أن يتم الإعلان عنه عن طريق مراسلة دون أن يتحمل المسؤول الأول للبلاد عبء مخاطبة شعبنا بشأنه وإبلاغه بنواياه وغاياته وأهدافه؟». يشار إلى أن الرئيس مريض يعاني من تبعات الإصابة بجلطة دماغية. وتساءل رئيس الوزراء سابقا، والذي أقاله بوتفليقة في 2003 «أيعقل أن يدوم التحضير لمراجعة دستورية ثلاث سنوات ونصف السنة، دون أن يكتب له أن يرى النور؟ ألا يخفي هذا التماطل نوايا وغايات وأهدافا أخرى غير التي يتم الإعلان عنها بعنوان شفافية مشبوهة ومصداقية مبتورة؟ ألا يحق لنا أن نتساءل عما إذا لم كان مشروع المراجعة الدستورية أصبح مجرد ورقة يتخيل نظامنا السياسي أنها ورقة رابحة، يشهرها كلما ضاق به السبيل، وتراكمت عليه الضغوطات، ويقوم بإرجائها كلما ظن أن الضغوطات خفّت وأنه استعاد زمام المبادرة من أجل البقاء!». وأصدر بن فليس الشهر الماضي «كتابا أبيض عن تزوير انتخابات الرئاسة» التي جرت في 17 أبريل (نيسان) الماضي، والتي حل فيها ثانيا بعيدا عن بوتفليقة. ويقول بن فليس في كتابه إن وزارة الداخلية زورت الانتخابات لفائدة الرئيس المترشح. من جهة ثانية، قتل متظاهران وأصيب نحو عشرين شخصا آخرين بجروح مساء أول من أمس في مواجهات مع قوى الأمن في دائرة تقرت (600 كم جنوب العاصمة الجزائرية)، بحسب ما أوردت وسائل إعلام محلية أمس. وقالت وكالة الأنباء الجزائرية إن الحوادث وقعت على أثر احتجاجات شارك فيها السكان بسبب تأخر السلطات في تسليم أراض، وبناء ووصل شبكة مياه الشرب في حي في بلدة النزلة. وأسفرت المواجهات أيضا عن إصابة نحو عشرين شخصا بجروح، وهم من المتظاهرين ومن عناصر قوى الأمن، بحسب مصدر طبي أوردته وكالة الأنباء الجزائرية. وتدخلت قوات الأمن مستخدمة الغاز المسيل للدموع والهراوات لتفريق المتظاهرين الذين توجهوا عندئذ إلى مفوضية الشرطة محاولين اقتحامها. وفي هذه اللحظة قتل المتظاهران.