بتتبع عادي نجد أن بلادنا عرفت الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحرص على عدّ أسماء أهل الحارة بعد كل صلاة فجر، وثبت في أغلب المدن أن من يتكاسل عن الفريضة بغير عذر شرعي تؤخذ غترته ضحى اليوم نفسه، ويُترك عاري الرأس في السوق أو يختفي قي منزله حتى يمرّ الشيخ، أو هو يذهب إلى داره (دار الشيخ) ليسمع مناصحة أو يُقدّم عذره. ومن هذه الروايات يظهر أن الغالبية لا يملكون إلا غترة واحدة. وسيره في السوق بدون غترة أكثر من ملفت. ومرّ الزمن واصبح أهل الحسبة موظفين يحملون عصيّ طويلة نوعاً، أطول من العصيّ التي تُستعمل عكازًا، عصا مميزة!! تميز مكانة حاملها. واستمر الناس بخير ماداموا فى محيط العصا والغترة فقط، فتلك لا توجد عاهة مستديمة أو راضة أو جارحة. على أن الزمن لم يتركهم بحالهم (قصدي رجال الهيئة) فمع اتساع الرقعة الجغرافية للمدن احتاجوا إلى سيارات "اقتحاميّة" ثمانية سلندر، ليواجهوا التوسع العمراني والجسور والأنفاق والمنعطفات، بالإضافة إلى تقنية وسائل الاتصال والرصد والعناصر السرية والقدرة على الانتشار السريع والانتقال الآمن والاستدارات والكمائن الذكية. وأرى أن أيام العصا وأخذ الغترة كانت تقريبًا تؤدي ذات الدور. وماكنتُ أعتقد أننا سنصل إلى زمن نقرأ فيه حوادث المطاردة المميتة بين سيارات تتطارد!! (قصدي الهيئة أو المتهمي)، فالمطاردات كما عهدنا في أفلام الأكشن تكون بين رجال عصابات منظمة جاءوا ليسرقوا مصرفاً أو محل مجوهرات ثمينة، وبين رجال شرطة وكمائن عناصر أفراد تحّرٍ سريين مهنيين ومتدرّبين ومُدركين لما يتوقعون. أكثر أعضاء الهيئة إن شاءالله يعرفون دورهم، وماذا تعنيه عبارة الأمر بالمعروف، وقد يوجد بينهم من لم يتعلّم بقدر كافٍ، ولديه عضلات يريد أن يمرنها.. أو هو مرّنها في السابق ويريد فقط التطبيق.