لك الويل أعد للناس/ وللوطن، ما قد سرقت، من مال خاص ومن آخر عام؛ ذلك أن الله غني حميد، عما ابتنيته بمال قد كان أصله سحتا؛ إذ الأولى بحقك النكال بما كسبت يداك. وفي المسند وعند ابن حبان - وهو صحيح - من حديث أبي حميد الساعدي أن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، قال: لا يحل لامرئ أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفسه قال ذلك لشدة ما حرم الله من مال المسلم على المسلم! أفتؤمنون بفضل من بنى لله مسجدا وتكفرون بـولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل..؟! هو الخزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة ستُسألون عنالمال من أين اكتسبتموه، وحين تكونالمساجد إجابتكم على سؤال بأي مال وبـمال من أنفقتم البناء عليها..!؟ فستعلمون إذاك بأن الله ليس بغافل عما تعملون. ولئن عولتم على كتاب الأمير واتخذتموه لكم هاديا ونصيرا، وفق دال النظرية الميكافيلية؛ حيث (الغاية تبرر الوسيلة) فإن في الإسلام مخالفة الشرع في باب الوسائل كمخالفته في باب المقاصد، وفي المحكم من التنزيل فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم. وليس بخاف أن قوله عن أمره نكرة تفيد العموم؛ ما يعني أن أمره ها هنا ينتظم ما كان في باب الوسائل مثلما هو الشأن في باب المقاصد. وقد تفطن الغزالي قبلا لهؤلاء؛ فقال في حق من يتوسلون الشر/الحرام ابتغاء فعل الخير ما يلي فهذا كله جهل والنية لا تؤثر في إخراجه عن كونه ظلما وعدوانا ومعصية، بل قصده الخير بالشر شر آخر، فإن عرفه فهو معاند للشرع وإن جهله فهو عاص بجهله، وللعز بن عبدالسلام كلام نفيس تناول المسألة بنفس إصلاحي غاية في الوضوح، فانظره في كتابه قواعد الأحكام. قال ابن المأمون في تاريخه (في هذه السنة، يعني سنة ست عشرة وخمسمائة، استخدم ذخيرة الملك جعفر(متولي الشرطة) في ولاية القاهرة والحسبة بسجل أنشأه ابن الصيرفي، وجرى من عسفه وظلمه ما هو مشهور، وبنى المسجد الذي ما بين الباب الجديد إلى الجبل الذي هو به معروف، وسمي مسجد لا بالله ، بحكم أنه كان يقبض الناس من الطريق ويعسفهم ، فيحلفونه ويقولون له لا بالله ، فيقيدهم ويستعملهم فيه بغير أجرة، ولم يعمل فيه منذ أنشأه إلا صانع مُكرَه، أو فاعل مقيد، وكتبت عليه هذه الأبيات المشهورة: بنى مسجدا لله من غير حله وكان بحمد الله غير موفق كمُطعمة الأيتام من كد (...) لك الويل لا تزني ولا تتصدقي جملة ما يمكن إيجازه التوكيد على إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا في زمن ألفينا فيه الحرامي ينعت بالتقي وبالمحسن الكبير.! نقلا عن مكة