لا يمكن أن نتذكر الإسكان في السعودية إلا ونذكر تبعاً لذلك وزير الإسكان الحالي الذي رافق ظهور اهتمام الدولة والحكومة والمجتمع بعد تفاقم مشكلة الإسكان. فقد تم تأسيس هيئة الإسكان وتنصيب الوزير الحالي محافظاً لها في 11 سبتمبر 2007م، لكنه فشل أن يقدم منتجاً يفي بالغرض الذي أنشئت من أجله هيئة الإسكان. لم يكتف معالي المحافظ بفشله في الهيئة ولم يدركه أيضاً، فتفتق الذهن عن تحويل الهيئة إلى وزارة وتم تعيينه، أيضاً، وزيراً للإسكان في 25 مارس 2011م، وعلى الرغم من ذلك فشل الوزير في تحقيق الأهداف والغاية التي أنشئت الوزارة من أجلها. بذلك الفشل المضاعف خيب وزير الإسكان الآمال ثلاث مرات. خيب آمال الدولة والحكومة والشعب. ذكرت إستراتيجية الإسكان بأن سبب إنشاء هيئة الإسكان «هو زيادة الضغوط المتمثلة في الاتجاهات الديموغرافية للسكان والارتفاعات المفاجئة والمتتالية في أسعار سوق المساكن في مناطق حواضر المدن الكبرى، مما زاد من المطالب الداعية لإنشاء هيئة تعنى بمعالجة المشكلات العديدة المرتبطة بالتوسع الحضري، ولذلك أنشئت الهيئة». وبعدها تم إنشاء وزارة الإسكان التي من مهامها وأهدافها: «تيسير حصول المواطن على مسكن تراعي فيه الجودة في الوقت المناسب من حياته، زيادة نسبة التملك، تشجيع مشاركة القطاع الخاص في دعم أنشطة وبرامج الإسكان المختلفة، رفع نسبة المعروض من المساكن بمختلف أنواعها». راجع مقالة خالد البواردي «هيئة إسكان، وزارة إسكان، أزمة إسكان» ( العدد 14601، الجزيرة، 3 ذو القعدة، 1433ه) من ناحية أخرى، نشرت «العربية نت» في 3 نوفمبر 2010م عنواناً مثيراً جاء فيه «الضويحي ل«العربية»: «هيئة الإسكان السعودية بدأت تسلم 200 مليون متر مربع تستوعب أكثر من ربع مليون وحدة سكنية. وجاء في التفاصيل: أعلن محافظ الهيئة العامة للإسكان السعودية الدكتور شويش الضويحي أن الهيئة بدأت إجراءات تسلم أكثر من 200 مليون متر مربع من الأراضي السكنية في مختلف مناطق المملكة». وقال الضويحي لبرنامج «واجه الصحافة» على قناة «العربية»: «إن هذه المساحات بمقدورها أن تستوعب ما يزيد على ربع مليون وحدة سكنية. وأشار إلى أن الهيئة العامة للإسكان وقعت عقود تنفيذ ما يزيد على عشرة آلاف وحدة سكنية في عدد من المدن السعودية تضم تصاميم مختلفة من الفلل. وأضاف الضويحي خلال البرنامج الذي يبث الجمعة المقبل عند العاشرة مساء بتوقيت السعودية، أن مساحات الفلل تراوح ما بين 380 إلى 500 متر مربع، متوقعاً أن يبلغ متوسط التكلفة للوحدة السكنية 420 ألف ريال». حسناً، ماذا لدينا الآن؟ محافظ.. وهيئة إسكان.. و200 مليون متر مربع من الأراضي في مختلف مناطق المملكة.. وكلفة بناء للوحدة السكنية مقدارها (420) ألف ريال.. وحاجة ملحة للمواطنين. ما المطلوب إذن؟ إرادة سياسية، وموارد مالية، وتعديلات إدارية كما يراها معالي المحافظ، وستتحقق الآمال، وتصبح «القشة معدن» كما يقول المثل الشعبي المصري، ويعيش المواطن «في التبات والنبات ويخلف صبيان وبنات» كما يقول المثل الحجازي. شيء جميل. لم تتأخر الدولة، وأمر خادم الحرمين الشريفين، بعد أقل من ستة أشهر فقط بحل هيئة الإسكان وتحويلها إلى وزارة وتعيين محافظها وزيراً لهذه الوزارة ورصد مبلغ 250 ألف مليون ريال لبناء 500 ألف وحدة سكنية. يعني أن الملك قام بتلبية كل ما يريده ويتمناه المحافظ/ الوزير، وأكثر كثيراً. إذ إن الملك اعتبر أن الكلفة للوحدة السكنية (500) ألف ريال، فكان أكثر كرماً وأجزل عطاء من أجل الشعب. لكن فاقد الشيء لا يعطيه، كما يقول المثل. مرت السنوات وها نحن اليوم بعد ثماني سنوات من إنشاء الهيئة، وأربع منذ إنشاء الوزارة التي كان يحلم بها محافظ هيئة الإسكان، نعيش في وعود وتصريحات، على الرغم من تنفيذ كل، أو أكثر، مما تمناه الوزير. ما زلنا نراوح مكاننا، لا سكن للمواطن، بل مزيد من الإجراءات وتعديل في الإجراءات، وتعلم الوزير من بعض نظرائه من وزراء الخدمات الذين فشلوا كالعمل والصحة، كيفية التسويف والتضليل، أو باللهجة العامية، «تسحيب» المواطن. وهنا سبب معالي وزير الإسكان ثلاث خيبات أمل بسبب فشله المضاعف: خيب وزير الإسكان آمال ملك وقيادة سياسية أرادت أن توفر مساكن للمواطنين وفي سبيل ذلك وفرت القيادة كل ما يحتاجه ويتمناه الوزير ذاته؛ كما خيب وزير الإسكان آمال الحكومة التي لم تستطع تنفيذ أهم برامجها، وهو الإسكان للشعب بسبب نقص المعرفة وافتقار الوزير إلى القدرة الإدارية؛ وخيب الوزير آمال المجتمع الذي تراقص فرحاً بتجاوب قيادته السياسية وملك البلاد مع واحد من أهم حاجاته الأساسية. يعلم وزير الإسكان مثل غيره، أن نجاح أي مشروع وطني يحتاج إلى ثلاثة عناصر: (1) الإرادة؛(2) الموارد؛ و(3) الإدارة. الثلاثية الآنفة الذكر توافر منها عنصران ونصف: توافرت الإرادة السياسية وصدرت الأوامر الملكية والمراسيم، كما تم توفير الموارد المالية بشكل لم يتوافر في دولة في العالم، وتوافر من العنصر الثالث نصفه وهو التشكيل الإداري والصلاحيات المصاحبة، لكن النصف الأهم من عنصر الإدارة كان غائباً، مع الأسف، فالوزير المعني لم يكن لديه حسن الإدارة لاستيعاب أهداف وتطلعات الدولة أو الحكومة أو آمال الشعب، كما لم يكن يملك المعرفة أو الدراية ليضطلع بهكذا مسؤولية. أخيراً، نحن نعلم أن لدى معالي وزير الإسكان ألف تبرير وتبرير كي ينفي عن نفسه تهمة الفشل وتخييب الآمال، لكننا نقول له هون عليك فالمواطن لا تهمه كل التبريرات. لا يهم المواطن التدافع بين المصالح الحكومية البيروقراطية، ولا يهمه تلك الإسطوانة المشروخة بتعليق كل فشل على وزارة المالية، ولا يهمه التناحر مع مافيا الأراضي، ولا يهمه أي تبرير يلجأ إليه وزراء الخدمات. ما يهم المواطن هو النتيجة. ملك أمر، وزير ينفذ، مواطن يسكن. هكذا ببساطة. ختاماً، ننصحك يامعالي الوزير ليس بالاستقالة أو طلب الإعفاء فأنت أضعف من ذلك، بل ننصحك بألا تستمع للوزير الذي يجلس على يسارك في مجلس الوزراء (وزير العمل) فقد فشل هو قبلك وسيجرك إلى الفشل، استمع إلى من يجلس على يمينك (وزير التجارة) فقد وفقه الله ونجح، فاليمين درب الغانمين. يشدو محمد عبده: كفاني عذاب الله يجازيك بأفعالك ينشد غازي القصيبي: يقولون.. لكنهم يكذبون.. وأعرف، أعرف ما يجهلون تبقين أنت.. وهم يذهبون #طراديات إلى كل وزير: قل خيراً أو اصمت