أياماً ثلاثة أمضيتها بعيداً عن الأجهزة، ووسائط الأخبار, والصحف.. قسرتني وعكة صحية أن أفعل ذلك، مع أن القلق يموج في صدري, وهواجس الخيبات التي لحقت بعجلة تاريخ الدول العربية الراهن قد تمادت مع سرعتها..,!! والناس في المشهد يتفكَّرون إلى أين ستذهب....؟!, وأين سترسو هذه العجلة بهم..., قبل أن تلقي بهم في أُتون بعيد غائر الأعماق..؟!! بالفعل وجدتها فرصة لأن أربت على ذهني.., وآخذ به بلطف نحو الهدوء..,!! وأن أفعل ذلك مع إحساسي..,!! ومن ثم أسألهما أن يستريحا مع غطيط الحمى..,!! وأسأل الله مع سؤالي العافية لي، أن يجعل خلقه في برد منها,.. وينجيهم من أُتون ما حولهم.., وما فيه غيرهم.., ومن سعير ذات الغرور..!! ولأن الحقيقة أن ما يحدث من حولنا, وما يُشاكسنا به سموم فحيحهم.., يُؤكد فشل العرب في توجيه عجلة سيرهم نحو أمان الحياة في حضورها الجميل.., ونجاحهم في ركوبهم عباب طغيان غيابها الكالح.., فإن الوعكة التي أقصتني عن وسائل العلم بما يحدث.., هي ذاتها قد أخذتني قوتها شطراً بعيداً عن بحورهم المتلاطمة.., إلى شاطئ قصي هادي من الوحدة.., والعزلة تلك التي يحبها المبدعون.., والمتبتلون.., والذين يملكون رؤى شاسعة.., ومخيلات تتنامى.., وأفكاراً تتجاوز ملمس القدم.., لتحلق نحو ذؤآبات الشمس.. والقمر، قبل أن يفضح الإنسان أُتون الأولى، وترابية الثاني...!! ومع هذا فقد تأملت كثيراً جمال التفرُّد بعيداً عن قبح التلوث..,!! ونقاء الوحدة عن كدر الامتزاج..!! ولعلَّ الجسد حين يمرض يتيح للنفس أن تشفى وهي تعالجه.., وتبحث له عن بلسم.., لتكون هي من يتخذ البلسم ذاتها..!!