فيما أعرب المرشد الأعلى علي خامنئي الخميس عن دعمه لتمديد المفاوضات بين مجموعة 5+1 وإيران بقوله «إن الأسباب التي دفعتني إلى عدم معارضة المفاوضات هي نفسها التي تدفعني لعدم معارضة تمديدها»، أكدت مصادر فرنسية رسمية أنه «يتعين على إيران إذا أرادت الوصول إلى اتفاق أن تقدم تنازلات أساسية» بخصوص ملفها النووي. وكشفت هذه المصادر أن المفاوضين من الوزراء وغيرهم الذين أمضوا عشرات الساعات في فيينا في محاولات لجسر الهوة بين مواقف الطرفين «لم ينجحوا في تحقيق تقدم حاسم في الملفات الأساسية وجل ما حصلوا عليه هو تقدم محدود لم يكن كافيا لإعلان التوصل إلى اتفاق سياسي» كان سيسمح بتمديد المفاوضات لأيام قليلة. وبنتيجة ذلك، فإن الطرفين يعتبران أن مهلة الأشهر الـ7 الإضافية «4 أشهر لبلورة اتفاق سياسي و3 أشهر للملاحق الفنية» ضرورية للوصول إلى اتفاق شامل يريده الطرفان. لكنها تساءلت: «الفريق الإيراني يريد اتفاقا. لكنه هل هو مخول إبرامه؟ لا أعلم». ماذا سيحصل بنهاية الأشهر الـ7؟ تقول المصادر الفرنسية إن «الكرة في ملعب إيران والأمور ستكون صعبة للغاية ولا أحد يستطيع اليوم التنبؤ بما سيجري بعد 7 أشهر» خصوصا أن هناك «عوامل معيقة إضافية» إيرانية من جانب وأميركية من جانب آخر. وبرأيها أن أحد عوامل الإعاقة أن الجانب الإيراني «لم يقرر بعد تقديم التنازلات الضرورية لأنه ليس مهيأ لمواجهة تداعيات اتفاق يفضي إلى التطبيع مع الغرب ومع الولايات المتحدة رغم حاجته لرفع العقوبات» التي تخنق اقتصاده. وبموجب تمديد الاتفاق المرحلي، ستحصل إيران على نحو 700 مليون دولار شهريا من موجوداتها المجمدة في الخارج كما ستستمر في الاستفادة من التسهيلات التي أقرها اتفاق جنيف الموقع في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي مقابل التزامها بتجميد برنامجها النووي. وتؤكد المصادر الفرنسية أن طهران التزمت بنصوص الاتفاق و«لا سبب يدعو للتشكيك بالتزامها به للأشهر الـ7 القادمة». من جهة أخرى، كشفت باريس عن العروض «السخية» التي قدمت لطهران مقابل سيرها باتفاق شامل ونهائي وأهمها مساعدتها على التمكن تماما من فوائد برنامج نووي سلمي بحيث يكون وضعها كوضع أي بلد وقع اتفاقية عدم انتشار السلاح النووي فضلا عن رفع كافة العقوبات المفروضة عليها. الصعوبات التي أعاقت حتى الآن التوصل إلى اتفاق لم تعد سرا وهي تتناول ملفين أساسيين: حجم البرنامج النووي الإيراني الأمر الذي يعني تحديد عدد أجهزة الطرد المركزية ونوعها التي يحق الإبقاء عليها وحجم ودرجة تخصيب اليورانيوم والضمانات التي يتعين على طهران تقديمها والكشف عما يفترض أنه البعد العسكري لبرنامجها النووي الذي يؤكد أنه مدني تماما. ويمثل هذا الجانب أكثر المواضيع صعوبة لأن إيران تنفي ما يؤكده الغربيون عن سعيها السابق لعسكرة برنامجها وإجرائها تجارب في هذا الحقل. وأفادت هذه المصادر أن إيران ترفض حتى الآن أن تفتح أمام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة النووية المواقع التي يظن أنها استضافت التجارب العسكرية أو أن تسمح بمقابلة الخبراء وكشف الوثائق ذات الصلة. وبكلام آخر، تريد إيران أن «يثق الـ6 بها ثقة عمياء». لكن هؤلاء ليسوا بقابلين «بعد التجارب المرة مع الطرف الإيراني الذي أخفى مواقعه ونفى بالأساس أن تكون لديه برامج نووية». وتخلص المصادر الفرنسية إلى القول إن ما يريده الـ6 «الذين ما زالوا متحدين في مقارباتهم» هو الحصول على ضمانات «كافية» تثبت سلمية البرنامج وأن ينص الاتفاق على فترة زمنية تسمى بالإنجليزية «Breakaout» من عام على الأقل تمكن الأسرة الدولية من اتخاذ التدابير اللازمة إذا تبين لها أن إيران «حولت جهودها نحو برنامج عسكري مثل مراكمة اليورانيوم المخصب» لأكثر ما ينص عليه الاتفاق أو طورت أجهزة طرد غير مقررة. وأكثر من مرة شددت المصادر على أهمية «الشفافية» وعلى «التراجعية» «أي أن تقبل إيران مبدأ العودة عن خطوات يعتبرها الـ6 مخالفة للاتفاق. من الجانب المقابل، تكمن الصعوبة الكبرى في موضوع رفع العقوبات المفروضة على إيران وهي من نوعين: ثنائية «أميركية وأوروبية» ودولية «أقرها مجلس الأمن بعد أن رفعت إليه الوكالة الدولية ملف طهران النووي». وطهران تريد أن ترفع العقوبات كلها عقب التوقيع على الاتفاق بينما الغربيون يريدون رفعها بالتدريج وعلى ضوء التزام الطرف الإيراني بتطبيق الاتفاق. لكن المشكلة الكأداء تكمن في عقوبات مجلس الأمن التي لا يمكن رفعها إلا بقرارات دولية جديدة وبناء على توصية من الوكالة الدولية بعد تأكدها من سلمية البرنامج النووي وتوفير طهران الإجابات المقنعة على كل التساؤلات المطروحة بشأن تجاربها السابقة وحالة برنامجها الراهنة. هل سينجح الـ6 وإيران خلال الأشهر الـ7 حيث فشلوا خلال عام كامل من المفاوضات المكثفة؟ الجواب القاطع في علم الغيب. لكن المعروف اليوم أن الطرفين اتفقا بالتوصل إلى اتفاق سياسي بنهاية مارس (آذار) القادم واتفاق نهائي بنهاية يونيو (حزيران) حيث تخصص الأشهر الـ3، أبريل (نيسان)، مايو (أيار) ويونيو، لكتابة الملاحق بالغة التعقيد. وينتظر أن ينص الاتفاق السياسي «5 أو 6 صفحات» وفق المصادر المشار إليها على «المبادئ والأهداف المحددة وعلى ما يتوجب على إيران القيام به بخصوص التخصيب والمواقع «فوردو، ناتانز،...» ونوعية وأعداد أجهزة الطرد والكميات المتاحة من اليورانيوم المخصب ودرجة تخصيبها مع روزنامة دقيقة. أما الملاحق فستتناول المعطيات الفنية. يبدو الاتفاق على الورق كامل التصور. لكن دون إنجازه صعوبات جمة. رغم ذلك، يغلب على المصادر الفرنسية التفاؤل وهي تقول: «أعطينا أنفسنا 7 أشهر لننجح لا لنصل إلى طريق مسدود».