فيما مضى «قبل عقود»، ومن باب «جمع الحسنات»، كان يأتي قلة تحت مصطلح «محتسبون» إلى صالة الأفراح، حيث يجتمع أقرباء وأصدقاء الزوج والزوجة ليفرحوا بهذه المناسبة، فيقرر هؤلاء القلة للجماعة ماذا يفعلون، وبماذا يفكرون، وعن ماذا يتحدثون؟ وكان يقف أحد «المحتسبين» في منتصف الصالة دون استئذان، ورغما عن الجميع، ليلقي بصوته الجهوري خطبة على الجميع «يعرفها الجميع»، يطالبهم بأن يتقوا الله، ويحذرهم من عذاب القبر والنار ومغبة أن ينسوا الله ــ عز وجل ــ فينساهم، مع أن جميع من بالصالة كانوا قد أدوا صلاة العشاء قبل حضورهم ليحتفلوا ويفرحوا بزواج قريبهم. وكان لا يجرؤ أحد ــ بمن فيهم مقيم الفرح ــ أن يعترض، أو أن يقول له: ما تعرفه نعرفه، فجميعنا مسلمون مثلك تخرجنا من نفس المدارس، وأن المكان غير مناسب لخطبتك، وأنك وإن كنت مصرا على محاضرتك هذه جد لك مكانا وادع الناس لمحاضرتك لا أن تفرضها علينا، فتخترق حريتنا وفرحنا لتفرض علينا ما تريده أنت. إذ أن مثل هذا القول سيضعك بخانة من يعادي الدين، مع أنك للتو عدت من المسجد بعد صلاة العشاء. اليوم، وبعد ذاك الصمت خوفا من التهمة، انتقل هؤلاء القلة تحت نفس المصطلح «محتسبون» إلى الوزارات، ليقرروا نيابة عن الجميع دون أن يسألوا الجميع، فرض شروطهم على المجتمع، وهددوا وزارة العمل بالدعاء عليها، مع أن وزارة العمل لم تجبر أحدا، وكل ما فعلته أوجدت فرص عمل جديدة، وترك الخيار للمواطنة وأسرتها وهل الأسرة تحتاج لمزيد من الدخل الشهري لتعلم المواطنة أيضا؟ ثم انتقلوا لوزارة التربية والتعليم لمنع رياضة الطالبات في مدارسهن، تحت حجة أن الرياضة تلغي الحشمة والوقار والعفة، ولم يسألهم أحد هل يعني هذا أن الطلاب فقدوا وقارهم وحشمتهم؟ بقي أن أقول: إن هذا الصمت الطويل من الأفراح إلى الوزارات هو من منح قلة من المواطنين تحت مصطلح «محتسبون»، أن يقدموا أنفسهم متحدثين باسم 18 مليون مواطن ومواطنة، فسلبوا الجميع إرادتهم، وأصبحوا يحددون للجميع كيف يعيشون حياتهم وهل يفرحون ويمارسون الرياضة ويعملون أم لا. S_alturigee@yahoo.com للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة