• قد تجده يحفظ عن ظهر قلب الكثير من الآيات والأحاديث النبوية التي من شأنها أن ترتقي بسلوكه إلى مصاف الأسوياء، وتفعل في جوارحه كل شعور إنساني يجسد القيم السامية، والمبادئ النبيلة في مسار حياته قولا وفعلا، عملا وتعاملا في السر والعلن. •• ذلك ما يفترض أن يكون عليه أثر وتأثير ما تأتى له حفظه من القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، إلا أن هذا الافتراض قد يصاب بالتغييب حد الانعدام، بل قد يصل إلى ما هو أكثر أسى ودهشة ومرارة عندما تجده قد استبدل المحبة بالعداوة، والتسامح بالتباغض، والخير بالشر، وكل ما هو إيجابي وحميد بعكسه. •• والخلل هنا ــ معاذ الله ــ أن يكون فيما تأتى له حفظه، بل لعدم إمعانه وتفكره وتدبره فيما تعنيه كل كلمة وآية وحديث، مما اكتفى بحفظه دون استشعار وتبصر وفهم، لما يتضمنه من أوامر ونواه، وما به من الشواهد والعبر والدروس التي لا تخلو منها كل التعاليم السماوية، شريطة توفر إحاطتها أو بالأحرى إحاطة كل ما نتشرف بسماعه أو قراءته فضلا عن حفظه، بمزيد من التدبر والتأمل والتحليل وصولا إلى مرحلة الفهم الدقيق لكل حرف وكلمة ومعنى وهدف. •• وإذا ما تحقق الفهم والاستيعاب التامان، يتبقى الأهم وهو العمل والتفعيل. فالعلم دون عمل وتفعيل لا نفع له، بل إن العلم ولو بشيء من القرآن الكريم والسنة الشريفة، دون امتثال وتطبيق في كل أوجه العمل والتعامل، يصبح حجة على صاحبه يوم الحساب العظيم. •• فكيف هي عاقبة من يحفظ أي قدر من القرآن الكريم، والأحاديث الشريفة، ويرددها «نطقا»، بينما كل أفعاله وتوجهاته تتنافى مع عظم وقداسة هذا الدين الحنيف، وتعاليمه السماوية المعظمة التي لو اختلج بضع بضعها. ببضع جوارحه وقلبه (قبل أن يطبع عليها) لحالت دون انزلاقه في اقتراف ما تنهى عنه تعاليم الدين، واستباحة ما حرمه الله عز وجل، فضلا عن الاستماتة في التحريض على إشعال نار الفتن والأحقاد والدسائس والتأليب على التمرد والتمزق بين بني هذا الدين الإسلامي، وفي أوساط مجتمع سيبقى بحول الله وقوته مهما تواصل هذا «النعيق الفضائي المسعور» مستنيرا بنور الإيمان، وعلى أرض وطن سيبقى طاهرا وآمنا بفضل الله تعالى، ثم بما خصه به من أعظم القداسات والرسائل السماوية، وسيد الخلق صلى الله عليه وسلم، ثم بمن قيضهم الله لقيادة هذا الوطن الحبيب.. والله من وراء القصد. • تأمل: قال الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: «الأباطيل موقعة في الأضاليل»