باختصار، أفضل طريقة للتخلص من الأعداء هي تحويلهم لأصدقاء، فهذه هي الطريقة التي أرشد الله البشر لاتباعها للتخلص من الأعداء وليس قتلهم ولا الكيد لهم، قال تعالى: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة، ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم). نزلت هذه الآية في العداوة مع غير المسلمين ومعنى «لا تستوي الحسنة ولا السيئة» أي لا تتشابه في عاقبتها وأثرها لا على النفس ولا على الغير، والتوجيه هو بدفع عداوة العدو بالإحسان إليه، وهذا السلوك يحول العدو ليس فقط إلى صديق إنما «ولي حميم» لكنه يتطلب من الإنسان أن يبدأ بتغيير واستصلاح ذاته قبل أن يطالب عدوه بتغيير وإصلاح أنماطه وذلك ليكرس في نفسه الأنماط التي يمكنه بها أن يكون لديه ما يكفي من الانضباط الذاتي لكي يصبر ويحلم ويعفو عن إساءات العدو كابحا بذلك ردات الأفعال الغرائزية الانعكاسية اللاواعية التي هي من جنس الفعل المسيء، ويكون لديه ما يكفي من التكريس للمثاليات الأخلاقية والسلوكية العليا لكي يرد بهذه المثاليات، لكن «غرور الانا» يتكبر على هذا النمط الرباني في التخلص من الأعداء فما يرضيه هو الرد على الإساءة بما هو أنكى وأشد سوءا منها لتكون هذه الزيادة بمثابة إثبات لأهميته الزائدة على من أساء إليه، والتبريـر أنه إن اتبع هذا السلوك مع أعدائه سيستغلونه، لكن التغيير في سلوك الآخرين لا يكون بضغطة زر إنما هو تراكمي تماما كالكأس الذي لا يفيض إلا عند آخر قطرة تملؤه ولا يفيض قبلها، وبالمثل ففيض العدو بالسلوك الإيجابي لا يحدث من بداية الرد على إساءته بالإحسان فهو أثـر تراكمي يحتاج للصبر، وإلا فرد الإساءة بمثلها ينشر السوء ولا ينهيه.