ينتابنا كمجتمع سعودي بشكل عام شعور بأننا مستهدفون في أمننا وعقيدتنا واقتصادنا وعاداتنا وتقاليدنا.. إلخ، والقائمة تطول لتشمل جميع مناحي حياتنا اليومية بأصغر وأدق تفاصيلها التي تمتاز بخصوصية فريدة ليس لها مثيل عند الشعوب الأخرى. ومما لا شك فيه أن بلداً بحجم المملكة وأهميتها على المستوى الاستراتيجي والإسلامي والاقتصادي والبشري سيكون مستهدفاً من عدة جهات ودول، حاله في هذا الأمر حال كثير من البلدان المهمة حول العالم، فنحن لسنا الوحيدين المستهدفين في هذا الكوكب! على الصعيدين الأمني والسياسي هناك أجهزة الدولة المختصة كجهاز الاستخبارات ووزارة الداخلية اللذين يتابعان ويراقبان أي نوع من أنواع الاستهداف سواء من الخارج أو الداخل، كما أن للدولة حساباتها السياسية والأمنية الخاصة في الإعلان عن هذا الاستهداف أو التكتم عليه حسب ما تقتضيه المصلحه العامة، خصوصاً أن هذا النوع من الاستهداف في العادة غير ظاهر لعامة الناس ويتسم بالحساسية والسرية الفائقة. أما على الصعيد الاجتماعي بكافة مكوناته الثقافية والدينية والاقتصادية فإن شكل الاستهداف فيه واضح للمتابع العادي الذي يستطيع تقييم الأمور بشكل واعٍ ومتزن دون مبالغة أو تهويل. الإفراط والاستغراق في فكرة الاستهداف والمؤامرة بشكل زائد عن الحد المعقول من قِبل عامة الناس قد يضيع مؤشر بوصلة الإصلاح الداخلي الذاتي والتطوير ويجعلنا نعلق فشلنا وإخفاقاتنا على جهات خفية قد لا يكون لها وجود من الأساس، وعندما يصل هذا الإحساس إلى حد الهوس فهذا يعني شللاً كاملاً في تفكير الفرد ليصبح كالذي يرهن واقعه ومستقبله بناء على توقعات المنجمين وحديث الأبراج والبلورات السحرية وورق اللعب والفنجان! على المستوى الوطني ابتُلينا بكثير من عمليات الاستهداف الخارجية والداخلية المبنية على الأيديولوجيات الطائفية التي تضرب على الوتر الديني العاطفي المسيّس، ورأينا كيف أنها تستقطب بكل سهولة الشباب المشحون طائفياً وتستغله في الداخل والخارج كدمية مسيّرة بجهاز تحكم عن بُعد لا تعي حقيقة ما يُراد بها ولا الغاية الحقيقية التي لا يعلمها إلا المحرضون فقط. الحماية من هذه المشكلة تتمثل في التحصين الداخلي وسد كل الثغرات الفكرية، عبر بث الثقافة الإسلامية الوسطية التي تنشر المحبة والقيم السامية من قبيل الصدق والأمانة وحب الناس وحسن المعاملة، وهذا يتم عبر مؤسسات التعليم وخطب المساجد والبرامج والأنشطة اللامنهجية في المدارس والجامعات وكل وسائل الإعلام وقنواته، كما يجب تجفيف منابع التحريض والتأليب الداخلية التي توجِد حالة الشحن والتشنج، ومحاسبة الرؤوس الكبيرة التي تضع وترسم خطط الاستهداف في الداخل.