في السنوات الأخيرة، كثيرا ما تداول الناس عبارة: «تعليم عن بعد»، آخرها قبل أيام عند تعليق الدراسة في بعض مناطق بلادنا الغالية بسبب الأمطار، وأيا كان السبب في جعل التعليم (عن بعد) أو (عن قرب)، فإن التعليم لا يتوقف، وأفضل التعليم ما كان (عن حب)، حب الخير للغير، حب العطاء ونفع الآخرين، حب النمو الدائم والتعلم المستمر، والتعليم لم يعد محصورا في فصول المدارس وقاعات الجامعات، فهناك أوعية جديدة للتعلم والتعليم تمتاز بسهولة الوصول، ومرونة التحصيل في أي وقت وبأي مكان، كل ما تحتاجه رغبة وإرادة وجهاز.ذكر الإمام الذهبي في (سير أعلام النبلاء): كان الربيع بن سليمان المرادي تلميذ الإمام الشافعي بطيء الفهم، وفي ذات مرة كرر عليه الشافعي مسألة واحدة 40 مرة ولم يفهم، فقام الربيع من المجلس حياء، فدعاه الشافعي في خلوة، وأعادها عليه مرارا وتكرارا حتى فهم، ثم قال له: «يا ربيع، لو قدرت أن أطعمك العلم لأطعمتك إياه». حنان أبوي رائع، وعلاقة احتواء جميلة بين معلم بارع وتلميذ مجتهد.إحالة بلا إطالة، هذا ما يميز التعليم والعلم ونشره في زماننا، فربما سألك صديق عن أمر ما لا تعرف عنه شيئا، أو تعرف عنه بعض المعلومات لكنك لا ترى في نفسك القدرة على الشرح، أو أن المكان أو الزمان لا يسمحان، فكل ما عليك حينها إحالته إلى مادة صوتية أو مرئية أو مكتوبة لخبراء ثقات، تُشبع نهمه للمعرفة، وحاجته للأجوبة، فيستطيع استنطاقها متى ما أراد وكيفما شاء.سكينة نفسك، وطمأنينة روحك، تتحقق وتمدد بالعطاء، فيهنأ عيشك، وتطيب حياتك، وأفضل العطاء، تعليم الناس الخير، لذلك تعلم كيف تتعلم، ومن ثم كيف تُعلم. التعليم موهبة تُمنح بالفطرة، ومهارة تُكتسب بالدربة، لا تنشغل كثيرا بتفاصيلها، ولا تتشتت بكثرة العلوم، وإنما بجودة المحفوظ لديك والمفهوم، حتى تُحسن إيصاله للآخرين وإن كانوا مبتدئين، قال الإمام السخاوي في كتابه (الضوء اللامع) واصفا بعض أهل العلم: «أخذ عنه خلق من المبتدئين وغيرهم، لكونه كان حسن التعليم، لا لطول باعه في العلم».