اشتهرت بيوت ومنازل قرى بني مالك وبني سعد وثقيف في محافظة ميسان، برصف الآباء والأجداد للحجر الذي شُكلت منه الجبال الراسيات، وسط بيئتهم الجبلية ذات الصخور الجرانيتية، التي كونتها تقلبات عوامل الطبيعة، وزينتها الأيادي المتعاونة المهتمة بتقديم المساعدة. ولا يمكن لزائر البيئة الجبلية أن يتركها دون الاستماع إلى قصص الأهالي، والتحدث عن تشابه ألوان بيوتهم بألوان جبالهم، حيث يحرص عديد منهم على تعريف الزوار بالعادات والتقاليد الجبلية والحرف والفنون والأهازيج التي يتفنن بها رجالهم، إضافة إلى استخدامهم الأدوات القديمة في البناء مثل: المعول والأزميل. ويشهد الزائر في جولته ما تتميز به بيوت ثقيف وبني مالك وميسان وبني سعد، المنحوتة في قمم الجبال، والقرى المبنية على الصخر التي عرفت بمظهرها المبهر المزدان بلفائف أغصان العنب وقوائم المشمش والفركس واللوز، ومياه سدود آبائهم القديمة التي تشتهر بتراصف بيئتها المناسبة والملائمة مع الشعاب والحيود الصخرية، التي شيدت من حجارة الجرانيت وتلبسها الطين ليوثق عهدها، التي جمعها أو جلبها الأجداد من الوادي والجبل ولا زالت باقية لليوم تشهد على أنها من الأبنية التي استطاعت مقاومة عوامل التعرية الجوية طيلة عقود من الزمن. وكان من يشيد البيوت يطلق عليه في تلك الحقبة اسم (المعلم أو البناء) وله من يعاونه في رفع الصخر وخلط الطين الذي يعده الرجال المتعاونون حبًا في أفراد وأهالي قراهم، ويخلطونه بالتبن والرماد؛ لكي يكون رابطًا بين الصخور، حيث روى القلة منهم أن البيوت الطينية لها ميزة فريدة، فهي باردة في فصل الصيف ودافئة في فصول الشتاء، كما أنها مقاومة وأقوى من الأسمنت الذي يتشقق مع مرور الوقت. ورغم التطور المعماري وهندسة البناء الحديثة التي دخلت في تصنيع الخرسانات في وقتنا الحاضر، إلا أن أصحاب بيوت قرى جنوب الطائف ما زالوا يصرون على بقاء بيوتهم طيلة كل هذه العقود من الزمن، وهي دليل إثبات على أنها الأفضل في التحمل والبقاء وما تحمله من ذكريات المحبة لآبائهم وأجدادهم الذين سكنوها.