بغداد - أعلن القضاء العراقي الأربعاء فتح تحقيق في "تسجيلات صوتية منسوبة" إلى رئيس هيئة النزاهة بالوكالة حيدر حنون تتضمّن "جرائم تقاضي رشى"، وذلك بعد أيام من اتهامه لأحد القضاة بإخفاء وثائق في ملف رجل الأعمال نور زهير المتهم الرئيسي في القضية المعروفة إعلاميا بـ"سرقة القرن". وردا على هذا القرار، اعتبرت هيئة النزاهة في بيان أن التسجيلات الصوتية "مفبركة" و"تهدف إلى التأثير في عمل الهيئة ومحاولة ثني رئيسها عن الاستمرار والاضطلاع بمهمَّته الوطنية" وأنها "فرى وأكاذيب وأراجيف". وقال المركز الإعلامي في مجلس القضاء الأعلى إن "رئيس الادعاء العام طلب من محكمة تحقيق الكرخ الثالثة إجراء التحقيق بخصوص التسجيلات الصوتية المنسوبة إلى رئيس هيئة النزاهة بالوكالة حيدر حنون والتي تتضمن جرائم تقاضي رشى". وفي التسجيل الذي لم يتسن التحقق منه وتناقلته شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام محلية، يلمّح رجل يُقدّم على أنه حنون إلى أنه تلقّى مبالغ باهظة من المال وسيارة من طراز كاديلاك. ورغم الفساد الذي تسلل إلى جميع مؤسسات الدولة والإدارات العامة في العراق، غالبا ما تستهدف العقوبات المستويات المتوسطة في الدولة أو المدراء البسطاء، ونادرا ما تستهدف قمة الهرم وكبار الفاسدين. وليس نادرا أن تظهر مثل هذه القضايا بشكل مفاجئ على الساحة العامة في خضمّ تصفية حسابات بين مسؤولين منخرطين في صراعات داخلية على السلطة. وأعلنت هيئة النزاهة أنها ستعقد مؤتمرا صحافيا الخميس "من أجل تبيان الوقائع ودحض تلك الفرى والأراجيف". ومطلع سبتمبر، اتهم حنون قاضيا بالحصول على قطعة أرض بشكل غير مشروع، وذلك خلال مؤتمر صحافي عقده في إقليم كردستان دافع خلاله عن امتلاكه قطعتَي أرض في محافظة ميسان في جنوب العراق. بعدما عبّر أمام حشد من الصحافيين عن غضبه من "استضعاف هيئة النزاهة"، أشار إلى "اختفاء ملفات من قضية زهير لدى القاضي جعفر"، وأن ذلك "يشكّل تحديا كبيرا لجهود مكافحة الفساد، واستعادة أموال الدولة المنهوبة". ولم يقتصر الأمر عند ذلك فقط، فأضاف حنون أن "ملف زهير الذي تمت إحالته إلى محكمة الجنايات المركزية، يحتوي على 114 صكا ماليا". وفي حين أن القانون يقتضي فتح 114 قضية منفصلة "جرى التعامل معها كقضية واحدة". وتضمنت الاتهامات التي وجهها رئيس هيئة النزاهة حديثه عن "سرقة في ملف سكك حديدية تقدر قيمتها بـ18 مليار دولار، دون أن يتم اتخاذ أي إجراء من قبل القاضي جعفر منذ شهرين". ومن ناحية أخرى اتهم حنون "زهير بالتورط في سرقة الودائع الجمركية بما يزيد عن تريليون دينار عراقي"، مطالبا "بعقد جلسة علنية بحضور القاضي جعفر لكشف الحقائق أمام الشعب"، كما أضاف أن الأخير "أصدر أمر قبض بحقه ويلاحقه بشكل شخصي". ورغم أن تصريحات حنون هزت الأوساط السياسية في البلاد، لكنها فاقمت التعقيد في قضية "سرقة القرن"، كما يقول مراقبون، بسبب تشابك المعلومات والتصريحات حول القضية وأطرافها، لا سيما بعد تغيب المتهم نور زهير عن محاكمته الشهر الماضي، وصدور أمر قبض بحقه. ونهاية أغسطس، أصدر القضاء العراقي أمرا بالقبض على رجل الأعمال نور زهير، المتهم الرئيسي في قضية "سرقة القرن" المعروفة كواحدة من أكبر السرقات في العراق والتي كُشفت في 2022، وكذلك على هيثم الجبوري وهو مستشار سابق لرئيس الوزراء. وكان زهير أوقف في أكتوبر 2022 ثم أفرج عنه بكفالة وتمكن من مغادرة البلاد، ولم يحضر جلسات محاكمته التي بدأت منتصف أغسطس. وتورد وثيقة على صلة بالقضية من الهيئة العامة للضرائب أنه تم دفع 2.5 مليار دولار بين سبتمبر 2021 وأغسطس 2022 من طريق 247 صكا صرفتها خمس شركات. ثم سُحبت الأموال نقدا من حسابات هذه الشركات التي يخضع أصحابها لأوامر توقيف. وتعتبر هيئة النزاهة العراقية هيئة مستقلة، تخضع لرقابة مجلس النواب، لها شخصية معنوية واستقلال مالي وإداري، ويمثلها رئيسها او من يخوله. وتعمل الهيئة على المساهمة في منع الفساد ومكافحته، واعتماد الشفافية في إدارة شؤون الحكم على جميع المستويات، عن طريق التحقيق في قضايا الفساد طبقا لأحكام هذا القانون، بواسطة محققين، تحت اشراف قاضي التحقيق المختص، ووفقا لأحكام قانون اصول المحاكمات الجزائية. كما تتابع قضايا الفساد التي لا يقوم محققو الهيئة بالتحقيق فيها، عن طريق ممثل قانوني عن الهيئة بوكالة رسمية تصدر عن رئيسها. وقد تم تكليف حنون في عام 2015، رئيساً لمحكمة استئناف القادسية الاتحادية، ورئيس الهيئة التمييزية واللجنة العلمية فيها، وعضوا في مجلس القضاء الأعلى منذ عام 2010 ولغاية عام 2016، وهو العام الذي تم تكليفه فيه مشرفاً قضائياً على منطقتي استئناف ذي قار - المثنى) الاتحادية.