بدأ نفود "عريق البلدان" أو ما يُعرف قديما بنفود "الرغام"، الذي يخترق محافظة شقراء ومحافظة مرات، يكتسي بالشجيرات والنباتات البرية، ليعود لعهده قبل 50 عاماً مضت، وذلك بفضل الله، ثم بفضل العناية به، وحمايته من الرعي الجائر من قِبل مركز تنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، والجهات ذات العلاقة؛ كمكاتب وزارة البيئة والمياه والزراعة بمحافظة شقراء ومحافظة مرات. تأتي تلك العناية والحماية، تحقيقاً لأهداف رؤية المملكة 2030، التي وضعت البيئة والتنمية المستدامة أحد أهدافها الرئيسة، حفاظاً على بيئتنا ومقدراتنا الطبيعية باعتبارها واجباً دينياً وأخلاقياً وإنسانياً. هذه النقلة النوعية في عودة الغطاء النباتي لنفود "عريق البلدان" التي وثّقها المصوّر محمد الطويل؛ بكاميرته، جعلت كِبار السن يتذكرون حال النفود في سنوات مضت قبل تعرُّضه للرعي الجائر والاحتطاب، إذ تداولوا صورة لحالة النفود قبل 50 عاماً نشرها حساب "صور جميلة لزمن جميل". "سبق" بدورها تسلط الضوء على نفود "عريق البلدان" من ناحية اسمه القديم وموقعه وحدوده وأهم المدن التي يحتضنها، والرياض التي يحفها برماله الذهبية، إضافة للمتنزهات والمحميات الوطنية التي دشنت داخل النفود. التسمية القديمة والحدود نفود عُرَيْق البُلْدَان يُسمى قديماً نفود "الرَّغَام"، والرَّغَام دقاق الرمل، ومنه أرغمته إذا ألصقت خده بالرغام، ذكر ذلك المؤرخ ابن خميس. ويقع نفود عريق البلدان في محافظتَي شقراء ومرات، إذ يتصل شمالاً بنفود الثويرات جنوب محافظتَي الغاط والزلفي، وتحديداً بمحاذاة مركز أم حزم، ثم يتجه جنوباً ليخترق قلب محافظة شقراء وينصفها لنصفين، ويستمر حتى يمر شرق محافظة مرات وينتهي جنوب شرق المحافظة، ليطلق عليه عند نهايته نفود "طريف الحبل"، لأنه يشبه الحبل المتدلي في نهاية النفود. ويقدر طول "عريق البلدان" بـ 130 كلم تقريباً، أما عرضه فيصل أحيانا إلى 20 كلم، وذلك في المنطقة المحاذية لمركز ثرمداء من جهة الشرق، فيما يصل أقل عرض له لـ 2 كلم، في المنطقة المحاذية لمركز أشيقر من جهة الشرق، فيما يبلغ متوسط عرضه 10 كم. المراكز التي يحتضنها: يحتضن نفود "عريق البلدان مركز ثرمداء التابع لمحافظة مرات من جهته الغربية، كما يحتضن مركز المشاش التابع لمحافظة شقراء من جهته الشرقية، وللمركزين أهمية ومميزات تميز بها على النحو التالي: مركز المشاش يحتضن نفود عريق البلدان مركز المشاش من جهته الشرقية، والذي يتبع إدارياً محافظة شقراء، ويقع شمال غرب مدينة الرياض، ويبعد عن العاصمة 164كم، فيما يبعد عن محافظة شقراء 29 كم. ويتميز المركز بوجود المياه العذبة التي تستخرج عن طريق حفر آبار في ضفاف النفود، ومن ثم عمل سراديب بتلك الآبار باتجاه النفود، يصل طول بعضها إلى 500 م تقريباً. ويتم وضع ثقوب أو فتحات لإخراج أتربة الحفر، وكذا للتهوية والإضاءة تُسمى عند الأهالي "الخرائق"، جمع "خريقة". وتعد تلك "السراديب" الكبيرة، وتلك "الخرائق" العميقة، أعمالاً هندسية عجيبة يتميز بها المركز، وتدل على عبقرية مَن نفّذها من الرعيل الأول من الآباء والأجداد، في زمنٍ لا تتوافر فيه أدوات الحفر الحديثة، ولا يوجد متعلمون متخصّصون في علم الهندسة. وتتميز المشاش بأرضها الزراعية التي تصلح لزراعة النخيل، وتجود المشاش بأطيب أنواع النخيل إذ تشتهر بأنواع الصقعي والخضري والدخيني الفاخرة، وأخيراً بأنواع الخلاص والشيشي والبرحي المميزة بحجمها ومذاقها الجيد. مركز ثرمداء "ثرمداء" الوادعة بين أحضان "عريق البلدان" التي تقع في الشمال الغربي من مدينة الرياض على طريق الحجاز القديم وتبعد عنها بمسافة 167كم، وتتبع إدارياً محافظة مرات. ويعد موقع مدينة ثرمداء مميزاً لوقوعها بين رمال نفود عريق البلدان الذهبية من جهة الشرق، والمرتفعات الجبلية من جهة الغرب التي تنحدر منها أودية النخيل ووادي الصنع ووادي الجمل، ووادي الكليبية، وتصب في قاع ثرمداء، وشهدت تطوراً سريعاً بعد أن كانت تحكي لنا وللأجيال القادمة قصة سنوات عديدة من الحضارة وذلك لما يتوافر فيها وفي ضواحيها من المعالم الأثرية والقصور التاريخية. وأصبحت ثرمداء اليوم من المدن الحديثة بعد أن أخذت نصيباً وافراً من المشاريع التنموية التي أسهمت في تطويرها حتى احتلت مكانتها من بين مدن المملكة الغالية في ظل حكومتنا الرشيدة أيّدها الله. "الرياض" التي يحتضنها يحتضن نفود "عريق البلدان" عدداً من الرياض التي تجتمع فيها مياه السيول، مشكلة بحيرات طبيعية، ومن ثم تلبس حلتها الخضراء بعد انحسار مياه السيول عنها، وأهمها ما يلي: روضة الهوبجة تقع الروضة على بُعد 24 كيلو متراً من أشيقر، شرق طريق شقراء أم حزم "المستوي" بنحو كيلو مترين، في حضن نفود عريق البلدان من الغرب، إذ تحيط بها رمال نفود عريق البلدان من ثلاث جهات الشرقية والشمالية والجنوبية، وهي متوسطة المساحة، يصب فيها شعيب المنحنى الشمالي، الذي ينحدر من صفراء الوشم باتجاه الشرق، وتحيط بها الرمال من جهات عدة. وينبت في الروضة عددٌ من النباتات الطبيعية، منها: السلم، والعوشز، والنباتات المعمرة خاصة العرفج، والجثجاث، والأعشاب الموسمية، ويمكن الوصول إليها عن طريق (شقراء- أم حزم)، المعروف بـ"طريق المستوي"، على بُعد 67 كيلو متراً للقادم من شقراء؛ حيث توجد شرق الطريق قبل مفرق الغرابة، وترى لسالك الطريق تحت عريق البلدان. روضة أبا سمري وتقع الروضة غرب مركز أثيثية وشمال مركز ثرمداء على ضفاف كثبان نفود عريق البلدان الذهبية، وتبعد عن مدينة الرياض 150 كلم، ويمكن الوصول إليها عن طريق (ضرما- مرات- ثرمداء- أثيثية). وروضة أبا سمري، يحتضنها "متنزه أبا سمري الوطني" التابع للمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، الذي تُقدر مساحته بـ196 مليون متر مربع، ويمتاز بتضاريس عديدة، مثل: (الكثبان الرملية، والأودية، والشعاب، والأراضي المنبسطة والسهلة، والروضات كروضة أبا سمري وروضة مليحة والشبيكة)؛ حيث تم استزراع أكثر من 80 ألف شجرة بالموقع؛ كالطلح والسدر والغاف والرديانة والأرطى والغضا. روضة قاع ثرمداء تقع الروضة شمال شرق مركز ثرمداء بمحافظة مرات، على ضفاف نفود عريق البلدان وتبعد عن مدينة الرياض 150 كم، ويمكن الوصول إليها عن طريق "ضرما- مرات- ثرمداء". وقام المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر أخيراً بحماية الروضة من دخول المركبات والحيوانات إليها، كما قام فرع بلدية ثرمداء بتنفيذ طريق حول الروضة، وتوفير أهم الخدمات، كالنظافة وخزانات المياه. المتنزهات والمحميات داخل النفود يزخر نفود عريق البلدان بمساحات شاسعة من المحميات الوطنية التي تمّ تدشينها وسط النفود، وتم تسييجها وغرس عدد من الأشجار داخلها، وأهمها المحميات التالية: متنزه شقراء الوطني متنزه شقراء البري يقع داخل نفود عريق البلدان شرق المحافظة، على مساحة تجاوزت 7 ملايين و600 ألف م2، وتم تسييجه كاملاً، بمسافة تتجاوز 13700 م طولي، ومن المقرر زراعته بأكثر من 150 ألف شتلة، وسقيها من المياه المعالجة ثلاثياً. ورعى محافظ شقراء عادل بن عبدالله البواردي؛ أخيراً، تدشين زراعة المتنزه، حيث شارك في زراعة الأشجار مع المسؤولين والمواطنين والمتطوعين والمتطوعات، والذي تجاوز عددهم 300 متطوع ومتطوعة، إضافة إلى منسوبي الدوائر الحكومية والمؤسسات. موقع "تشجير شقراء" ضمن أعمال المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر؛ تم تسييج "موقع تشجير محافظة شقراء المعروف محلياً "المخيم البيئي" وتشجيره وعمل شبكات الري على مساحة تجاوزت مليوناً وستمائة ألف متر مربع، كما قام بتمديد شبكات ري متكاملة في الموقع، ليكون ري الأشجار بالموقع باستخدام المياه المعالجة ثلاثيّاً للري، وذلك ضمن أعمال المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر. وتأتي العناية بتشجير المتنزهات تحقيقاً للمبادرة العظيمة التي أطلقها ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز "السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر"، التي ستكون نقلةً نوعيّةً في الإصلاح البيئي، وتحسين جودة الحياة، بمشيئة الله. يُذكر أن روضة غسلة وروضة أبا سمري وروضة قاع ثرمداء، داخلة ضمن المحميات التابعة للمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر.