×
محافظة الطوال

الهروب من الواقع

صورة الخبر

لقد زان لنا المزاجُ عندما احتسينا كأس النَّظر إلى الذَّات بنظرة سلبيَّة، فهربنا من واقع ذواتنا، ولم نتوقَّف حتَّى أدمنَّا الهروب، ولكن هروب ماذا؟ ومِن ماذا؟ إنَّه هروبنا من مواجهة مخاوفنا، إلى أنفاق المجهول المؤصدة، التي ليس لها مخارج البتة، وليت ذلك الهروب وقف عند نهاية تلك الأنفاق المظلمة، لكان جازت لنا العودة أدراجنا؛ بحثًا عن مخارج مُنقذة، ولكن عندما حاولنا الخروج منها، التفَّت أقدامنا الداخليَّة حول بعضها، ووقعت في أفخاخ شباك الخوف والهزيمة، وجلد الذَّات، وعدم المواجهة، وليتنا نهرب من شيءٍ محسوس، فربما عندئذٍ نتواجه معه بسيوف الواقع المعيش حتَّى نهزمة، ولكن الهروب كان من ذواتنا إلى المجهول الذي لم يكن شيئًا، وقد كان وهمًا لا أقل ولا أكثر، وللهِ در الأشياء التي استطاعت أنْ تعلِّمنا دروسًا في الجفول مجهول المصدر، فتعلَّمنا منها أنَّ كلَّ طيفِ وَهَمٍ فكريٍّ يطوفُ حول مدار عقولنا، هو حقيقيٌّ، فنجفل منه، ولا نفكِّر لماذا. ومِن ماذا هربنا؟ فأصبحت رياح الوَهَم الطيفي تتمرجح بأفكارنا كيف ما اتفق، والسؤال هو: متى نعود إلى واقعنا، وننتصر على مخاوف أوهامنا، ونعيش الواقع الملموس؟ الجواب هو: عندما نواجه أنفسنا مواجهةً حقيقيَّةً، وننتصر على مخاوفنا وأوهامنا، عندها نكون قد عُدنا إلى ذواتنا، وإلى واقعنا عودًا حميدًا لا لَبْسَ فيه.