مدائــن صـالــح وحــــي الطـريــف وجدة التاريخية تجذب اليونسكو تزخر المملكة بالعديد من الوجهات والمعالم الغنية بالتراث والتاريخ، حيث تضم العديد من المعالم التاريخية القديمة بقدم الإنسان، والتي تعكس تاريخها العريق وثقافتها المتنوعة، وفي هذا التقرير، سنستعرض أبرز المعالم التاريخية في مختلف مناطق المملكة، والتي يرجع بعضها إلى عصور قديمة جداً، أي ما قبل الإسلام، وبعضها يعود إلى عصر بزوغ الإسلام وما بعده، ولهذه المواقع قيمة بيئية كبيرة، حيث تعد موطناً لأنواع فريدة من النباتات والحيوانات النادرة، كما أنها توفّر وظائف بيئية مهمة، مثل: تنظيم تدفق المياه، والحفاظ على جودة التربة، وهي في الأساس مورد ثمين يجب حمايته والحفاظ عليه للأجيال القادمة. ومما لا شك فيه، أن المملكة التي احتضنت أراضيها الدعوة للدين الإسلامي ومن ثم نشوء أول حاضرة إسلامية في المدينة المنورة، تضم الكثير من المعالم الأثرية المتعلقة بهذه الحقبة وما بعدها، بل إن أهم المعالم والآثار حول بداية المجتمع الإسلامي هي تلك التي تضمها المملكة في مدن مختلفة، ولكن هذا لا يقلل من قيمة المعالم التاريخية التي تعود لعصور وحقب زمنية سبقت الإسلام أو أعقبته، وهذا يعني أن ما سنستعرضه من معالم وآثار سيكون متنوعاً ويطال الأبرز من مختلف العصور، وأغلب هذه المواقع والمعالم التاريخية تم الاعتراف بها من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة -اليونسكو-؛ كونها ذات قيمة ثقافية وطبيعية مهمة، وتتطلب جهودًا لحمايتها والحفاظ عليها، وتذكّر هذه المواقع بتاريخ المملكة بشكل خاص والمنطقة بشكل عام، وتعطي لمحةً عن أنماط الحياة والممارسات والمعتقدات القديمة، وتظهر التراث الثقافي الغني للمملكة. أكثر من موقع ويوجد في المملكة العديد من المواقع التي أُدرِجت ضمن قائمة مواقع التراث العالمي بعد أن أقرتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة -اليونسكو-، من ضمنها مدائن صالح التي أُدرجت 2008م / 1429هـ، ومن ثم أُضيفَ حي الطريف في منطقة الدرعية القديمة في 2010م/ 1431هـ، كما سُجّلت منطقة جدة التاريخية في 2014م/ 1435هـ، وفي عام 2015م/ 1436هـ سُجّلت الفنون الصخرية في منطقة حائل لتكون على قائمة التراث العالمي، ثم أدرج على القائمة في عام 2021م/ 1442هـ موقع منطقة حما الثقافيّة، ثم أُدرجت محمية عروق بني معارض ضمن القائمة وفي 2024م/ 1446هـ، وأُدرج المنظر الثقافي لمنطقة الفاو الأثرية ضمن هذه القائمة أيضًا، كما قامت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة -اليونسكو- في 2015م بإضافة 10 مواقع سعودية إلى القائمة المؤقتة التي تعتبر خطوة أولى للإدراج في قائمة التراث العالمي، من ضمنها «واحة الأحساء»، والتي أُدرجت فيما بعد ضمن مواقع التراث العالمي وتحديداً في سنة 2018م / 1439هـ، وأدرجت محمية عروق بني معارض عام 2023م/1445هـ، والمنظر الثقافي لمنطقة الفاو الأثرية في 2024م/ 1446هـ. ويعد تصنيف الموقع كتراث عالمي لليونسكو ليس مجرد مكانة يتبوؤها الموقع المختار، إنما يأتي مصحوبًا بالتزامات قانونية للبلد المعني، ما يستوجب على البلدان اتخاذ إجراءات لحماية هذه المواقع والمحافظة عليها، ويجب أن تقدم تقارير دورية لليونسكو عن التدابير المتخذة تجاهها. حجر أثري ومن أهم المواقع التي تم تسجيلها في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة -اليونسكو- موقع الحجر الأثري «مدائن صالح»، ويقع في المنطقة الشمالية الغربية من المملكة في «محافظة العلا» بمنطقة المدينة المنورة، وكانت إحدى مدن مملكة الأنباط المهمة في شمال الجزيرة العربية والحجر اسم ديار ثمود، وكانت مسكناً للأنباط الذين اشتهروا بمهاراتهم الهندسية، وهي مركز تجاري منذ الألفية الأولى قبل الميلاد، ويحتوي الموقع على العديد من النقوش والقبور المنحوتة في الحجر الرملي ورسومات الكهوف التي تقدّم نظرةً فاحصةً للحضارة النبطية التي سيطرت على جزء كبير من المنطقة في العصور القديمة، وهو أول موقع في المملكة سُجّل في قائمة التراث العالمي في عام 2008م، ويضم الموقع مقابر ضخمة، تعود إلى القرن الأول قبل الميلاد، ويشتمل على حوالي 50 نقشاً تعود لتلك الفترة، وعدداً من رسوم الكهوف. مجمع تاريخي ومن المواقع التي تم تسجيلها في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة -اليونسكو- «حي الطريف» في محافظة الدرعية، وهو مجمع تاريخي يعود إلى القرن الخامس عشر الميلادي، وكان الموقع مركزًا سياسيًا واقتصاديًا مهمًا خلال السنوات الأولى للمملكة، ويضم العديد من القصور والمساجد والمباني الإدارية -بما في ذلك مسجد الإمام محمد بن سعود، وقصر الأمير محمد بن سعود، وقصر سعد بن سعود-، والتي تعكس التراث الثقافي الغني لهذه المدينة التي بُنيت على ضفاف واحة الدرعية، واستثمرت المملكة، في السنوات الأخيرة، موارد كبيرة في ترميم وتطوير حي الطريف بهدف الحفاظ على تراثه الفريد وتعزيز أهميته الثقافية، وشمل ذلك تنفيذ مبادرات سياحية جديدة، مثلك الجولات المصحوبة بمرشدين، والفعاليات الثقافية التي تهدف إلى تعزيز تجربة الزائر، وإبراز التاريخ والثقافة الغنية لهذه المنطقة، وفي حي الطريف في محافظة الدرعية بمنطقة الرياض تتوزع مساكنها على ضفاف وادي حنيفة وروافده، ويلفها سورها القديم بتحصيناته وأبراجه الطينية، وقد كانت الدرعية تمثل أول عاصمة لأسرة آل سعود. مركز تجاري ومن أهم المواقع التي تم تسجيلها في اليونسكو منطقة جدة التاريخية التي كانت مركزاً تجارياً مهماً وميناءً للحجاج في العصور القديمة، فتحتوي على مزيج من المباني التقليدية، والهياكل الحجرية المرجانية، والمنازل الإسلامية القديمة، ومنها: مسجد الرحمة، وبيت نصيف، ومتحف جدة، وتم إدراجها في قائمة التراث العالمي في عام 2014م، من منطلق أنها منطقة قديمة تنصهر فيها الثقافات، وتتضح فيها التأثيرات الثقافية المختلفة، ما حدا بها لتكون منطقة جذب سياحي للزوار من جميع أنحاء العالم، وتضم عدداً من المعالم والمباني الأثرية والتراثية، مثل: سور جدة وحاراتها التاريخية، كما يوجد بها عدد من المساجد التاريخية. فن صخري ومن المواقع التاريخية بالمملكة الفنون الصخرية في منطقة حائل «جبة والشويمس»، والتي تشمل رسومات جبل أم سنمان في جبة وراط والمنجور في الشويمس، ومنطقة جبل أم سنمان كانت بحيرة في وقت سابق وترك سكانها العديد من النقوش حول حياتهم، أما راط والمنجور فكانا واديين والنقوش فيهما تظهر رسوماً لبشرٍ وحيوانات يعود عمرها لعشرة آلاف عام. وتُعد مواقع جبة وراط والمنجور والشويمس في منطقة حائل، من أهم وأكبر المواقع الأثرية في السعودية التي يعود تاريخها إلى أكثر من 10 آلاف سنة قبل الميلاد، وتضم أكبر مجموعة من الفن الصخري في العالم، بأكثر من عشرة آلاف صورة منحوتة لمشاهد الصيد والحيوانات والشخصيات البشرية، وتوفر هذه الصور نظرة على أسلوب حياة الإنسان في عصور ما قبل التاريخ بشبه الجزيرة العربية، ومن أكثر العناصر شيوعاً في الفن الصخري في حائل هو تصوير الإبل، مما يوحي بالدور المهم الذي لعبه هذا الحيوان الضارب في جذور التاريخ، وهي رابع المواقع الأثرية التي أدرجت ضمن قائمة التراث العالمي من قبل منظمة اليونسكو في عام 2015. نخيل ورمال وتقع «واحة الأحساء» في الجزء الشرقي من المملكة في محافظة الأحساء، وتنمو فيها أكثر من مليون ونصف نخلة، وتعد أكبر واحة نخيل محاطة بالرمال في العالم، وتقام بجوارها أعمال زراعية واسعة لوفرة المياه والعيون العذبة، ويشتمل الموقع على عدة معالم وهي: مسجد جواثى، قصر إبراهيم، قصر صاهود، قصر محيرس، قصر أبو جلال، ميناء العقير، جبل قارَة، سوق القيصرية، وقد أُدرجت في قائمة اليونيسكو 2018م؛ وتضم الواحة مجموعة من المواقع، مثل: الحدائق وقنوات الري وعيون المياه العذبة والآبار وبحيرة الأصفر ومبان تاريخية ومواقع أثرية تقف شاهدًا على استيطان البشر واستقرارهم في منطقة الخليج منذ العصر الحجري الحديث حتى يومنا هذا، ويتمثّل ذلك في الحصون التاريخية المتبقية والجوامع والينابيع والعيون والقنوات وغيرها من نظم إدارة المياه، وتعدّ واحة الأحساء أكبر واحات النخيل في العالم؛ إذ يصل عدد أشجار النخيل فيها إلى 2.5 مليون شجرة موزعة على مساحة تتجاوز 85.4 كيلو متراً مربعاً في وسط الصحراء، وهي وجهة تاريخية وسياحية استثمرت المملكة فيها عدة مبادرات لتطوير البنية التحتية للمنطقة وإمكاناتها السياحية. قوافل قديمة ومن المواقع التي أضافتها اليونسكو 2021م إلى قائمة التراث العالمي «منطقة حمى»، ومنطقة حمى الثقافية تقع في منطقة نجران وهي منطقة قابعة على طرق القوافل القديمة التي كانت تعبر جنوب شبه الجزيرة العربية إلى شمالها، وتتضمن مجموعة كبيرة من النقوش التي تصوِّر صيد الحيوانات، وأساليب الحياة لثقافة امتدت نحو سبعة آلاف عام دون انقطاع، وكان المسافرون والجيوش، التي تحل هذا المكان، على مرِّ العصور يتركون خلفهم الكثير من الكتابات والنقوش الصخرية التي بقي معظمها محفوظًا على حاله وهي نقوش مسندية وآرامية ونبطية وعربية جنوبية وثمودية ويونانية وإسلامية، وتعد المنطقة من أبرز المواقع التي تتضمن رسوم ونقوش صخرية تعود لعصور ما قبل التاريخ، حيث تضم رسوماً آدمية وأخرى حيوانية إلى جانب كتابات بالثمودية والمسند الجنوبي والخط الكوفي، كما تضم مواقع تعود لحضارات مختلفة وتمثل ركامات لمقابر وإنشاءات حجرية دائرية، وعثر على نقوش صخرية يمتد تاريخها من الألفية السابعة قبل الميلاد وحتى الألفية الأولى قبل الميلاد. محمية طبيعية ومن المواقع التي أضافتها «اليونسكو» أيضاً محمية عروق بني معارض بمنطقة نجران، وتقع على الطرف الغربي من صحراء الربع الخالي وتعد محمية طبيعية وحُددت كمنطقة نباتية مهمة، وقد سُجل بها 106 أنواع من النباتات؛ منها: الأرطاة العربية والسعدية، إلى جانب نباتات قزمية وغيرها، وكانت المحمية موطناً للمها العربي قبل انقراضه من البرية، وقد أعيد إدخال المها إليها بالإضافة إلى قطعان من غزلان الريم والجبل والنعام، وغيرها. كما سُجل بها 104 أنواع من الطيور بينما يستوطن نحو 16 نوعاً فقط مثل: نسر أذون وعقاب صرارة. ومن المعالم والمواقع الأثرية المهمة التي أضافتها «اليونسكو» هي منطقة الفاو الأثرية، وكانت بمثابة عاصمة لمملكة كندة لأكثر من خمسة قرون، حيث كانت مركزاً تجارياً مهماً، وضمَّت العديد من المساكن والمخازن والحوانيت، وبها أكثر من 17 بئر ماء، ويضم الموقع حالياً العديد من المعالم الأثرية، كالتلال الأثرية المنتشرة في الموقع والقصر والسوق بالإضافة إلى مجموعة من المجسمات البرونزية وقطع أثرية أخرى، وكذلك المقابر المتنوعة في أشكالها، كما يحتوي الموقع على كتابات وجدت بالحرف الجنوبي المسند. حجارة وأغصان وقرية ذي عين التراثية في منطقة الباحة من المعالم والمواقع الأثرية المهمة التي أضافتها «اليونسكو»، وقد بنيت القرية من الحجارة وهي مسقوفة بأغصان أشجار العرعر التي نقلت إليها من الغابات المجاورة، كما تم تزيين شرفاتها بأحجار المرو على شكل مثلثات متراصة، وتضم القرية بعض الحصون الدفاعية التي أنشئت قديماً لغرض الحماية والمراقبة، وتقع القرية في منطقة منخفضة ضمن تهامة العليا بالباحة وترتفع حوالي 1985م عن مستوى سطح البحر، وما يميزها كونها عبارة عن مزيج ما بين ما تحتويه من مبانٍ تراثية ومدرجات زراعية يتم ريّها عبر عين الماء التي تجري على مدار العام. وتقع قرية رجال ألمع التراثية منطقة عسير في محافظة رجال ألمع، وتعتبر نقطة مهمة، حيث كانت تربط بين القادمين من اليمن وبلاد الشام مروراً بمكة المكرمة والمدينة المنورة، الأمر الذي جعلها مركزاً تجارياً مهماً، وتتكون القرية من نحو 60 مبنىً بنيت من الحجارة الطبيعية والطين والأخشاب، ويضم الموقع متحف دار ألمع للثقافة والتراث الذي أنشأه أهالي المحافظة. مدائن صالح أول موقع في المملكة سُجّل في قائمة التراث العالمي 2008م جدة التاريخية منطقة جذب سياحي للزوار من جميع أنحاء العالم واحة الأحساء تضم بعض الحدائق وقنوات الري وعيون المياه العذبة والآبار جولة للسياح في حي الطريف