يوافقني الكثير إن إحلال العنوان الوطني والجغرافي الذي جرى تعميمه أخير حل الكثير من معضلات الإستدلال الممارسة قديما «بعْد راعي البنشر يجيك مطبْ صناعي ) وادخل ثالث شارع على اليمين !!» حدثت هذا الأرتباك لي: ذات صباح وجدْتُ داخل فناء منزلي «الحوش» تزويدات مواد صحية ، مغسل ، بانيو، ومغسلةأيدي، ومقابض من النوع الثمين، ومواسير وتوابعها ومرآت ثمينة بإطار فاخر . وفي نهاية النهار جاءت عمالة آسيوية وشرحوا لي أن الموضوع خطأ عنوان.. !! سمعتُ - ما لم تكن من النوادر أو المبالغة - أن أسرة في الرياض عبأت ذهن سائقها باسم قريبة لهم تسكن القصيم اسمها « سارة « . وكانوا يصطحبون السائق الآسيوي إذا زاروها في العطل والمناسبات حتى أصبح العنوان الجغرافي محفورا في ذهن السائق «عنوان قريبتهم سارة في القصيم». صادف وجود خياطة تتعامل معها تلك الأسرة اسمها سارة. وذات يوم أرسلت الأسرة مع السائق ورقة إلى سارة الخياطة، في أحد أحياء الرياض ، قائلة له: خذ هذه إلى سارة. فذهب السائق إلى القصيم وسلّم الرسالة ، ولم يعلموا سبب تأخرسائقم إلا بعد أن هاتفتهم قريبتهم في القصيم ! مبدية عدم فهم ما تعنيه تلك الورقة!؟. تسارع نمو واتساع المدن هو تنامي العزلة أيضاً. فبعد أن كان «العاير» والدكان، وقبلهما المسجد عنواناً دائماً وملتقى ومكاناً، أصبح المرء الآن يقضي وقته في البحث عن المقصد، فالشوارع متشابهة والمباني متماثلة والمعالم كثيرة بحيث أصبح المرء يرى «خزاناً» ومدرسة وخياطاً في كل منعطف ومنحنى ولم تعد هذه الأشياء معالم وصف ودليل حائر. وقد حاولت أمانة مدينة الرياض الحصول على رؤية كاملة لتعميم معرفة الرياض جغرافياً، فسمّت الشوارع والميادين وكل هذه الخطوات لم تأت بالثمار حيث لايزال الناس حيارى بين تسميات قديمة. الأسرة السعودية تعلمت كيف تعطي أسماء ورموزاً لسائقي سياراتهم من الأجانب. وبعد حصول السائق على إقامته النظامية ورخصة القيادة تعمد الأسر إلى تعليمه كيف يصل إلى منزل «ماما سارة» و»سستر هيا» و «وسكول حصة» و «كوافيرة دلال» و «خياطة دوريس» . binthekair@gmail.com