مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض معلم بارز من معالم مدينة الرياض يعرفه القاصي والداني، لعل ذلك يرجع لمساحته الكبيرة، أو بسبب مبانيه الضخمة والعالية، أو بسبب الخدمات الصحية المتميزة والمكلفة التي يقدمها مجانا لأهل المملكة عموما، أو لعل ذلك بسبب شهرته، حيث يوجد به برج الملك عبد الله للكبد والأورام وغيرها من التخصصات الهامة، أو لأنه يقع بقلب العاصمة الرياض علي طريق مكة المكرمة المعروف. كنت قد عرفته بهذه الطريقة مجرد مبان جميلة ومهيبة، وتشاء الأقدار أن أدخله مرافقا لصديق وأقضي به أياما عدة، وأعرفه كما لم أعرفه من قبل. أقمنا بالطابق الرابع عشر (تنويم) ببرج الملك عبد الله الضخم بمستشفى الملك فيصل التخصصي، وأدهشتني حقا الرعاية الصحية المتميزة التي يؤديها هذا المشفى الكبير، والطاقم الطبي الذي يثابر في أداء عمله بنشاط وهمة، وفق منهج علمي، ورؤية ثاقبة، ورسالة سامية، مستخدما في ذلك تقنيات متطورة تساعد على تطبيق أفضل الممارسات الطبية، مما يحفزهم علي السهر والتفاني في الاهتمام بالمرضي علي اختلاف أعمارهم ومستوياتهم، فالعاملون بالمستشفى مزيج رائع لانصهار تلك الجنسيات والشعوب التي جاءت لتؤدي عملها بإخلاص ومشاعر حب لأهل هذا البلد الكريم، فأخذت وأضافت لهذا الصرح الطبي العريق، فهؤلاء العاملون وأعني الممرضين والممرضات، أناس يملكون قلوبا نقية، وألسنة راقية وأيدي معطاءة وخبرات فذة، ونادرا ما تجتمع هذه البوتقة في مكان واحد، لولا هذا الصرح البارز والجاذب للمتعبين والمرضي من كافة أرجاء المملكة ودول الجوار. كما أفرحني حقا التعامل مع هذا العدد الكبير من الشباب السعودي ذوي العزم والهمة الذي بات يمتلك هذه الخبرات الصحية والمعارف الطبية والبحثية والاستشفائية الواسعة، ولعل ذلك لم يتأت صدفة، أنها حصيلة خمسة عقود من التطور والالتزام الصارم. ولا ريب أن هذا الصرح الطبي يقف خلفه جنود مجهولون وجيش كبير لا يمكن إحصاءه ومعرفته عن كثب من عاملين وموظفين واداريين ولوجستيين وفنيين وممرضين وأطباء ومدرين يبذلون كل جهد ممكن من أجل الارتقاء بخدماته الطبية وخدماته البحثية التي تليق بمرضاه الذين يلجئون اليه طمعا في التداوي وتلقي خدمة طبية تخصصية متميزة تعجل بالشفاء، فهو بحق واحة استشفاء عالمية، لأنه يقدم هذه الرعاية الطبية التخصصية في بيئة تعليمية وبحثية متطورة وفقا لأعلى معايير الجودة والتميز، والاطباء الذين يعملون فيه من خيرة الكفاءات، مثل دكتور ماركوس الجراح المعروف، ودكتور ياسر الشيخ استشاري عمليات زراعة الكبد والبنكرياس ، ولفيف من الأطباء الذين يؤدون عملهم بتجرد وتفان، وأتذكرهم بكل فخر واعتزاز، ومنهم استشاريو زراعة الكبد المساعدون دكتور عبد القادر عثمان، ودكتور ناصر الحبوب، وغيرهم من الأسماء اللامعة والبارزة، وعلى رأس العاملين بالمستشفى المدير التنفيذي المخضرم معالي الدكتور ماجد بن إبراهيم الفياض، الذي أحسن إدارته لهذا الصرح الطبي والكيان العملاق مؤسسة مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، فالتخصصي حقا واحة طبية وارفة، مليئة بالحب والعلم والعمل والعطاء والتدريب والتجرد عن العرقية واللون لغايات إنسانية، ومهما طال الزمن وتباعدت الأيام لن يغادر أبدا ذاكرتي وقلبي وجوه الممرضين نواف وعبد الله ومحمد وغيرهم من الممرضين والممرضات الاكفاء، الذين لا أجد كلمات توفيهم حقهم كلما تذكرت اقامتي عندهم، ولعمري إن قلت لهم شكرا فشكري لن يوفيهم. فكأنما لسان حال كل مرضي التخصصي الذين شفاهم الله يقول (الحمد لله الذي جعل لنا في بلدنا هذا الصرح الطبي العظيم فقد كنا به ذات يوم).