×
محافظة الرياض

تأثير الكفوف النَّدِية للمملكة العربية السعودية - د.فهد بن منصور الدوسري

صورة الخبر

من المشاهد المؤثرة التي ذرفت منها العيون وخشعت لها القلوب تلك المشاعر الصادقة التي جاشت بها قلوب السوريين ولهجت بها ألسنتهم تجاه المملكة العربية السعودية بعد تحرير وطنهم من النظام الأسدي البائد، لقد سمعنا دعاء الآلاف وامتنانهم لقيادة المملكة وشعبها على ما لمسوه من مواقف الحُبّ والدعم وجسور الإغاثة. لقد اتضحت للشعوب العربية صدق مواقف المملكة الناصعة التي حاول تغطيتها في الماضي شرذمة من الإعلاميين المأجورين وما علموا أن تلك الأيادي البيضاء الندية ليست وليدة اليوم بل هي ممتدة طوال تاريخ المملكة، فمنذ تأسيسها كان نهجها العطاء والإحسان والرحمة، تسير بخطى ثابتة وعزيمة وثابة، تقدم المساعدات إلى مختلف الدول حتى أصبحت المملكة رائدة العمل الإنساني على امتداد الكرة الأرضية، وغدت في المركز الثالث عالميًا في حجم المعونات الإغاثية والإنسانية والتنموية وفق منصة التتبع المالي التابعة للأمم المتحدة، ناهيك عن هبتها السريعة عند حدوث الكوارث حيث تشريب لها الأعناق وتتجه لها الأنظار لثقتهم في قلبها الكبير وعطائها العظيم، فتأتي الاستجابة سريعة من قيادة المملكة وشعبها المعطاء، فتتحرك جسور الرحمة بالدواء والمأوى والغذاء دون نظر لدين أو لون أو عرق أو طائفة، تطعم فقيراً وتكسو عارياً وتؤوي مشرداً وتعين نازحاً. ثم تسمو المملكة العربية السعودية عاليا في سلم التفوق ومدارج الإنجاز والتميز عندما وقف العالم عاجزاً طبياً عن إجراء عمليات فصل التوائم السيامية وما يترتب عليها من التزامات مالية، فانبرت المملكة العربية السعودية تنادي كُلَّ أب مكلوم وأُمِّ باكية بالتوجه لرياض المجد باصطحاب أطفالهم السياميين، ليتم استقبالهم في فنادق فخمة ورعاية أبوية حانية واهتمام طبي رفيع حيث يبدأ الأطباء الأكفاء من أبناء الصحراء وجيران قمة طويق بعمل التحاليل والأشعة والفحوصات اللازمة في وقت قياسي، ثم تُجرى العمليات وينجح فصل التوائم أمام مرأى العالم، وتسير بالأخبار الركبان وتنفتح نافذة واسعة من الأمل لدى شعوب العالم فتتوافد التوائم السيامية من كل أصقاع الدنيا استجابة لنداء الرياض - قبلة الطب وموئل الرحمة - وتحط في مطارات المملكة رحلات متعددة من جميع قارات العالم، فتنزل من بولندا داريا وأولغا ومن نيجيريا حسان وحسينة، ومن الفلبين آن وماي، ومن سوريا إحسان وبسام ومن باكستان: فاطمة ومشاعل ومن الأردن: محمد وأمجد، ومن تنزانيا والمغرب ومصر والجزائر والسودان.... كلهم تحتضنهم المملكة مع والديهم ومرافقيهم في أكرم وفادة وأجمل رعاية. وتتناقل وكالات الأنباء في نشراتها الإخبارية هذه النقلة النوعية للسعودية واللمسة الإنسانية والتعامل الرفيع والرحمة العظيمة، مما فتح فضولاً واسعاً لدى شعوب العالم القراءة تعاليم الإسلام السمحة التي تدين بها المملكة والمأخوذة من القرآن والسنة - دستور هذه البلاد العظيمة - ذلك الدستور الذي كان يعتز به المؤسس رحمه الله في جوابه للأمم المتحدة عندما أرسلت لدول العالم تطالبهم بإرسال دساتيرها، فأرسل لهم الملك عبد العزيز رحمه الله عبارة قصيرة في مفرداتها عظيمة في محتواها، عبارة يفيض منها الاعتزاز والشموخ (دستور بلادي هو ما في القرآن الكريم وسنة الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم) . أنا السعودي رايتي رمز الإسلام وأنا العرب واصل العروبة بلادي لقد كانت دول العالم تنظر للمملكة دائماً بالإعجاب والإبهار والامتنان فصرحوا وكتبوا وأرسلوا شاكرين ومقدرين، وخالف الشذاذ من بني جلدتنا ممن يتكلمون بلساننا أولئك الذين اسودت قلوبهم وفسدت نياتهم وكذبت ألسنتهم، هاجموا السعودية واستنقصوا أفعالها وشككوا في نياتها وأوهموا الشعوب العربية المغلوبة على أمرها - بعكس الحقيقة الواضحة التي تُميّز المملكة وتُعلي شأنها وتسمو بمكانتها، بل وانحازوا دفاعاً مستميتا وتمجيداً ممجوجاً ومدحاً رخيصا لأعداء العروبة والإسلام، لقد أوغلوا كثيراً في مهاجمة أصحاب الكفوف البيضاء والانتصار لصناع الأذرع السوداء. لهم ألف وجه بعد ما ضاع وجهُهُم فلم تدري فيها أي وجه تُصدِّقُ ويشاء الله عز وجل أن تظهر الحقيقة، فتدور عجلة الزمن والمملكة العربية السعودية تخطو بثبات وتعمل بإخلاص، لا تلتفت الأقوال التافهين ولا تأبه بتحليلات العابثين مستمسكة بدينها، واثقة بأن الله تعالى يدافع عن الذين آمنوا ويؤيدهم وينصرهم.. مستمسكين بدينهم وتوجهوا الله ذي الإكرام والأمجاد وتأتي اللحظة التي أزالت الغشاوة عن عيون المخدوعين عندما وصلت الأذرع السوداء لبعض بلاد العرب فاحتلت أرضهم وانتهكت حرماتهم وشردت رجالهم وهجرت الملايين وملأت السجون ونكلت بالمواطنين، فانتبه الناس من سكرتهم وصحوا من غفلتهم وتذكر الجاهل وندم المسيء، فالأذرع السوداء عاشت معهم في بلدانهم فرأوا عن قرب معدنها الخبيث وخرابها الصريح فرجعوا إلى رشدهم وعرفوا فضل أصحاب الكفوف البيضاء الندية، فأقسموا على حُبِّ السعودية ونصرتها والدعاء لها وعدم تصديق ما يقال عنها، ورفعوا الراية الخضراء التي يحبها الجميع ويؤمنون بما كتب عليها، وهتفوا مرددين بدءاً من بلاد الشام الأموية مروراً ببلاد الحكمة اليمانية وصولاً لبغداد الرشيد ورددت معهم كافة الشعوب العربية بصوت واحد سارعي للمجد والعلياء يا أعظم بلد وأغلى وطن وأطهر ثرى.