×
محافظة الرياض

مآلات الحجيج إلى سوريا الجديدة ما هي سوريا التي يريدها المجتمع الدولي برمته؟ لا شك أن الولايات المتحدة صاحبة الكلمة في تحديد ملامح سوريا الجديدة منزوعة السلاح وحامية حدود إسرائيل وخالية من ميليشيات إيران.

صورة الخبر

هل تكون فرحة السوريين عابرة صحيفة الغارديان تقول إن الدبلوماسية هي “فن تحويل المستحيل إلى ممكن،” وإن أحمد الشرع، قائد سوريا الحالي بحكم الواقع، أثبت إتقانه للمساومة والإقناع. فبالرغم من أن هيئة تحرير الشام وُضعت على قوائم الإرهاب لدى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، إلا أن الشرع استقبل ممثلي هذه الجهات في دمشق. على النقيض، روسيا وعلى لسان وزير خارجيتها، سيرجي لافروف، قال إن قائد السلطات الحالية في سوريا، أحمد الشرع، يتعرض لضغط كبير من الغرب لوقف تعامله مع روسيا. وأردف يقول “إن القوى الغربية لا يهمها وحدة سوريا بقدر اهتمامها بالحصول على أكبر حصة ممكنة من التأثير والأراضي والموارد.” وفي هذا الإطار، عقد يوم الأحد الماضي في العاصمة السعودية الرياض مؤتمر حول سوريا حضره بالطبع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، ولفيف من وزراء خارجية عرب ودول غربية. وقد جاء المؤتمر من أجل رفع العقوبات عن سوريا، وتقديم الدعم الإنساني لها، والتأكيد على وحدة سوريا. لقد شاهدنا منذ سقوط الأسد تدفق الوفود إلى سوريا والهرولة لمقابلة رئيس الإدارة الجديدة التي تدير سوريا اليوم، أحمد الشرع. ما خفي، الكل يروم أن يكون له موطئ قدم في سوريا لموقعها الجغرافي الإستراتيجي الفريد، فهي المعبر السياسي والاقتصادي إلى العراق والجزيرة العربية واليمن. وكما قيل “لكل إنسان موطنان، موطنه الذي يعيش فيه وسوريا.” ويبقى السؤال الملح: ما هي سوريا التي يريدها المجتمع الدولي برمته؟ لا شك أن الولايات المتحدة، القائد والربان، صاحبة الكلمة في تحديد ملامح سوريا الجديدة، منزوعة السلاح، وحامية حدود إسرائيل وخالية من ميليشيات إيران. قد يكون من المفيد أن نبين توجهات رئيس الإدارة السورية، أحمد الشرع، الذي ركز في بداية توليه إدارة شؤون سوريا على ترتيب الوضع الداخلي. وهذا لا غرو مهم، فالوضع الداخلي السوري يحتاج إلى سنوات طويلة حتى يتم ترميم ما خلفته الحرب خلال عقد من الزمن. ◄ لم يتغير شيء في سوريا سوى المسميات فقط، ما دامت سوريا مزارا للغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة، فالأحوال سوف تبقى على حالها لا شك أن سوريا لديها مقومات الحياة من نفط وزراعة ومصانع وغيرها، وهذا يحتاج إلى إصلاح سياسي قبل البدء بأيّ خطوة على الأرض. وما دامت هنالك بقايا تابعة لبشار الأسد، ففي العلم العسكري يطلق عليها خلايا نائمة يتم تحريكها بعد حين. وفي حال حدث ما نتوقعه، تحريك تلك الخلايا، فإن ذلك من شأنه أن يعمل على تباطؤ حركة النمو ويحول دون إعادة مظاهر المدنية إلى سوريا. وقتئذ يعيش البلد في حالة غير مستقرة تكثر فيها الميليشيات، لكل طرف أهدافه ومن خلفها قوة داعمة لها مصالحها، وربما تحمل الأيام القادمة حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني. وتأسيسا على ما سبق، الكل يتوقع مستقبلا جيدا لسوريا في ظل الإدارة الجديدة. فعلينا أن ندرك جيدا أن المشروع القادم للشرق الأوسط ليس وحدة سوريا وليبيا والسودان وغيرها، وإنما الإمعان في تفتيت الشرق الأوسط أكثر وإنشاء دويلات داخل الدول المستقلة. فحدود “سايكس بيكو” التي رسمت بعد الحرب العالمية الأولى سوف تتغير إن آجلا أو عاجلا، واحتمال ولادة دول جديدة من رحم بعض الدول العربية أمر وارد ولو بعد حين. الاستعمار الغربي الذي أُرغم على الرحيل من المنطقة العربية بعد الحرب العالمية الثانية، يعود هذه المرة تحت مسميات مختلفة كالتعاون والتنسيق العسكري، وغيره من المسميات الأخرى. فرغم الزيارات المكوكية لسوريا والمطالبة برص صفوف السوريين، فإن هذا الأمر لذر الرماد في العيون، فالخطوة القادمة هي إبقاء سوريا في حالة غير مستقرة تحت عنوان كبير “الفوضى الخلاقة”. فالأكراد شمال شرق سوريا طامعون في الاستقلال، والمعضلة الأكبر قواعد روسيا في منطقة الساحل على البحر الأبيض المتوسط. ولذا فإننا في سياق محاولة فهم ما تكون عليه سوريا، فالسوريون اليوم في فرحة غامرة بعد سقوط الأسد قد تكون عابرة. ومن الطبيعي استطرادا أن يجد السوريون أنفسهم بعد وقت بأن بلادهم لا زالت محتلة من أطراف عديدة. صحيح أن إعادة ترميم الاقتصاد مطلب شعبوي، في المقابل الشعب السوري كما شعوب المنطقة قارع الاستعمار وأخرجه من بلاده في الوقت الذي كان تحت وطأة العوز، ففضل تحرير بلاده على ما يسد رمقه. الخلاصة، سوريا على عتبات مرحلة جديدة، وأهمها تقوقع حزب البعث السوري كما حدث للبعث العراقي، وظهور الإسلام السياسي ليحل مكانه. فالمفارقة بين العلمانية المتمثلة في البعث والإسلام السياسي حسب مقاييس الغرب، ذلك أن الأول أي البعث يفصل الدين عن تفاصيل الدولة، والثاني قشور لا ترقى لتطبيق الإسلام بحذافيره. فالتوصيف الدقيق الظاهر إسلامي واللب علماني. على كل حال، لم يتغير شيء في سوريا سوى المسميات فقط، ما دامت سوريا مزارا للغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة، فالأحوال سوف تبقى على حالها.