بقلم - منى يوسف الغامدي في كل عام يتجدد موعدنا مع اليوم العالمي للتسامح في 16 من نوفمبر والذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1996م لتعزيز وترسيخ قيم وثقافة التسامح كإحدى أسمى القيم التي تضمن استمرار التعايش والتماسك والتلاحم والوحدة بين البشر على اختلاف الانتماءات العرقية والدينية والثقافية. ولأنني أنتمي لمركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري أبحث دوما عن ما يقدمه من جديد في تفعيل هذا اليوم فتابعت عن بعد ملتقى التسامح السنوي والذي حمل عنوان ( جسور للتفاهم والتعايش في عالم متنوع)بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030 والتي تهدف لبناء مجتمع حيوي ومزدهر يحقق التوازن بين المحافظة على القيم الإسلامية والعربية والسعودية الأصيلة والانفتاح على العالم . حيث تعد قيمة التسامح من الركائز الأساسية التي تسعى المملكة لتعزيزها من خلال برامجها المتنوعة ومبادراتها المحلية والدولية، لاسيما تلك التي تهدف إلى تعزيز التواصل الحضاري والتفاهم مع الآخر. تضمنت محاور الملتقى القيم الإسلامية ودورها في تعزيز التسامح والتعايش السلمي بين البشر، ودور المؤسسات التعليمية في بناء أجيال متسامحة، ودور وسائل الإعلام في نشر ثقافة التسامح ونبذ الكراهية، وتعزيز التسامح من خلال قبول التنوع الحضاري والعرقي والديني، واستعراض التجارب الدولية في تسوية النزاعات من خلال التسامح والحوار، وتأثير التقنية ووسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز أو إضعاف قيم التسامح بين الأفراد والمجتمعات، ودور الثقافة والفنون والأدب، والموسيقى في تعزيز التفاهم والاحترام المتبادل بين الثقافات، وكيف يمكن للتسامح أن يكون وسيلة لحماية حقوق الإنسان، وسبل تعزيز التسامح في بيئات العمل المتعددة الخلفيات الحضارية. تضمن الملتقى جلسة بعنوان( التنوع والتسامح لمجتمع متماسك ومتعايش) تحدث فيها مدير التعليم بمنطقة الرياض ومستشار البرامج في مكتب التربية العربي لدول الخليج، وأستاذ الفلسفة ومقارنة الأديان بجامعة الفيصل وأستاذ الإعلام وعضو مجلس الشورى سابقا ، لتكون للتعليم كلمته في هذا الملتقى . ثم توقفت عند فقرة (عشنا السعودية) ليتحدث معلم اللغة الصينية بلغة عربية واضحة وهو مستمتع بحياته وتجربته الإنسانية في التعايش المجتمعي في السعودية كما تحدثت سيدة من الجنسية الباكستانية والتي تربطها علاقة قوية بالمملكة وهي مقدمة برامج تلفزيونية على القنوات السعودية، وشاب نيجري يحمل جنسية بريطانية من مواليد المملكة له تجارب عززت لديه الصورة الذهنية الإيجابية عن المملكة . كنت أتابع بشغف كبير حديثهم وتعتريني مشاعر الفخر بوطني الذي يحقق دوما أعلى معايير التعايش والتسامح مع مختلف الثقافات وليكون منارة إشعاع حضاري وثقافي فريدة ومتميزة. والجلسة الثانية كانت ثرية للغاية وحملت عنوان( التسامح في العصر الحديث : أداة للحوار والتنمية والتواصل الحضاري تحدثت فيها رئيس الجمعية السعودية للفنون التشكيلية عن دور الفنون في ترسيخ القيم الإنسانية الرفيعة ومن أهمها التسامح والتعايش وقبول الاختلاف لا نحتاج للكلمات مع الصورة والفن الرفيع الذي تصل مدلولاته لكل الثقافات الإنسانية في كل بقاع العالم ؛ كما تحدثت رئيس لجنة المرأة في مجلس الأسرة ؛ وكان للمدير التنفيذي لمشروع سلام للتواصل الحضاري كلمته المعززة بلغة الأرقام والشواهد التي تعد منجزات وطنية نفتخر بها من خلال مخرجات برنامج قدم قيادات شابة مؤهلة بلغة عالمية تمثل الوطن في المحافل الدولية ، وختامها مسك مع مدير البرامج بالمركز الذي توقفت عن ختام كلمته عن برنامج( توافق) الذي يستهدف الأسرة السعودية لتعزيز دور الأم والأب في ترسيخ منظومة القيم الإنسانية المشتركة وتفعيل دور الأسرة في حماية النسيج المجتمعي ، هذا البرنامج يستهدف قيمة السلم المجتمعي وقيمة الوعي وقيمة الأمن . دوما أكتب عن المركز الذي يحمل اسم المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وكل ما يحمل هذا الاسم العظيم لابد أن يستشعر روحه الوثابة للمعالي والتي تعنى بالقيم الرفيعة؛ وبمنتهى الصدق والشفافية والأمانة لأنني أعي جيدا أن الكلمة أمانة وأن الوطن يريد من كل واحد فينا أن يؤدي دوره لنقل الصورة الحقيقية لجهود المملكة في دعم القيم الإنسانية وترسيخها في المجتمع بكل رقي وتحضر داخل وخارج المملكة بتناغم وتلاحم ولتكون أرضنا المباركة هي أرض التسامح والمحبة والتعايش والتي يحتضن ثراها الطاهر ملايين الوافدين الذين يعيشون بسلام وأمان ومحبة لتكون واحة لقيم التسامح والتنوع والتعددية التي تعتبرها من الركائز في تحقيق الأمن المستدام والرخاء لشعوب العالم في ظل تحولات سريعة وعميقة تتطلب آليات وخطط عملية وعصرية تواكب رؤية الوطن الطموحة.