باريس - النجاحات التي تطالعنا بها التكنولوجيا بشكل يومي تقريبا تبهرنا، لكن هذا الانبهار يطرح في أذهاننا أسئلة عديدة متناقضة في أغلب الحالات، هل أن التكنولوجيا التي طورها الإنسان لخدمة الإنسان مازالت كذلك إلى حد الآن أم أنها انحرفت وأصبحت تزاحم الإنسان في حياته إن لم نقل تهدده؟ أسئلة كثيرة تطرح حين نعلم أن الروبوت مثلا أصبح يقوم بكل ما كنا نعتقد أنه فعل إنساني لا يمكن لغيره أن يقوم به، لكن الجميع يتفق على أن نوايا خدمة التكنولوجيا للإنسانية تظل رهينة نوايا المخترعين وعلماء الذكاء الاصطناعي. في ظل التطور التكنولوجي الذي يشمل مختلف مناحي الحياة، تعمل شركات تقنية مختصة على تطوير “حواس ذكية” ستساعد الإنسان في التعامل بطريقة مغايرة مع البيئة المحيطة لمسا وسمعا وتذوقا وإحساسا ورؤية. وستشكل الحواس الذكية طفرة جديدة في عالم التسويق والصناعات والاستهلاك؛ مما يفتح آفاقا واسعة بالنظر إلى المزايا والإمكانات التي ستطرح أمام الزبائن والشركات على حد سواء. وعلى رأس هذه الحواس يوجد الأنف التكنولوجي الذي يقوم بعملية الشم عوضا عن الإنسان، حيث يقدم لصاحبه نتائج عمليات الشم بعد القيام بعملية “قياس″ و”رقمنة” الرائحة بفضل العشرات من المستقبلات التي تشبه تلك التي يتوفر عليها الإنسان. وعلى سبيل التجربة، سيتمكن الجهاز من التعرف على طبيعة رائحة السائل الموجود في زجاجة عطر في أقل من 15 ثانية بعد رجوعه إلى المعطيات التي تهم المئات من الروائح المسجلة في بنك معطياته، وستفتح هذه التقنية – التي تطورها شركة “أريبال للتكنولوجيا” التي تأسست عام 2014- مجالات عمل وتطوير لا محدودة أمام الصناعات الغذائية والتجميلية. ويعمل العلماء في السنين الأخيرة على تطوير جهاز يكون باستطاعته تشخيص نوعية المرض عن طريق شم الزفير للمريض. الميزة الأساسية للجهاز هو قدرته على الاكتشاف المبكر للمرض الشيء الذي يوفر بالأساس إمكانية للتدخل العلاجي في مراحل المرض الأولى وإمكانية علاجه بصورة ناجعة من خلال تقنيات العلاج والأدوية الموجودة اليوم دون الحاجة إلى تطورات أو علاجات أو تقنيات طبية جديدة. تطبيقات تساعد الشركات التجارية على التواصل مع الزبائن الذين أضحى بإمكانهم رؤية المنتج وتذوقه وشمه قبل شرائه وأنت تأكل حلوى، ماذا لو وجدت أن نسبة السكر فيها مرتفعة أو العكس، وهو ما لا يستجيب للمعايير التي تتبعها في إطار النظام الغذائي الخاص بك؟ وللتعامل مع هذه الوضعية، اخترعت شركة “دواماتوك” تقنية التذوق الإلكتروني التي تتعامل مع جزئيات السكر، ويشرح المهندس الغذائي ستيفان لايك العملية بالقول، “جزئيات السكر تصل بشكل مباشر إلى مستقبلات التذوق” لتخبر الزبائن بطبيعة المادة. وتقول الشركة إنها تعمل حاليا على أذواق أخرى، بالإضافة إلى السكر، وعلى رأسها الملح والدهون. وتداعب برامج الطهي حاسة التذوق لدى بعض المشاهدين، لكنهم قد يتمكنون عن طريق تكنولوجيا جديدة تعيد تجسيد الطعم إلكتروني من تذوق الوصفات التي تبث في التلفزيون. وطور علماء في سنغافورة جهاز محاكاة يستخدم أقطابا كهربائية لتحفيز براعم التذوق الموجودة على اللسان وإعادة استنساخ الشعور بالمذاق المالح والحلو واللاذع والمر بمجرد مشاهدة وصفات برامج الطهي على التلفزيون. ويأمل الباحثون في أن يستخدم هذا النظام الجديد في المستقبل للسماح لمشاهدي التلفزيون بتجربة مختلف النكهات أثناء مشاهدة برامج الطهي المفضلة لديهم. ويشير الباحثون إلى إمكانية استخدام تلك التكنولوجيا في ألعاب الكمبيوتر أو لإفساح المجال أمام مشاركة الناس للوجبات عبر الإنترنت عبر تقنية “المائدة الذكية”. ويفضل الكثيرون العمل في أماكن مفتوحة مستفيدين من الفضاء والتواصل مع الآخرين، لكن البعض يجد في الأمر تشويشا مع كثرة الأصوات التي تعم المكان، وللتعامل مع سياق كهذا، اخترعت شركة “أوروساوند” الفرنسية تقنية تخفف الضوضاء المحيطة. وتقوم التقنية الموظفة في الجهاز الجديد، بحسب المدير التجاري للشركة لودوفيك مارغاريت، على تحليل الأصوات الواردة من خلال ثمانية ميكروفونات مدمجة في سماعات الأذن، ويعمل الجهاز على تحليل الأصوات الواردة بشكل آني، حيث يتم التعامل معها بخلق موجة صامتة مقابلة، وتسعى هذه التقنية إلى أن تكون انتقائية وتوجيهية باختيار الصوت المفضل من بين الأصوات الواردة. ويتميز الجهاز بقدرته على خفض الضوضاء المحيطة بنحو 30 ديسبلا، بالإضافة إلى لوغاريتم خاص يميز بين الضوضاء والأصوات المفيدة. وترى مسؤولة التسويق والاتصال بالشركة أغاتا جيهين، أنه “بإمكان مستعمل الجهاز اختيار النمط المباشر الذي يقصي الأصوات في نطاق ثلاثمئة درجة، مما يمكن من الاستماع فقط إلى الشخص الذي يتحدث”. الخوذة الافتراضية وتطبيقات الواقع تمكنان من رؤية مجسمة أقرب للحقيقة، مما يتيح للمستعمل رؤية الصور ثلاثية الأبعاد بالعين المجردة والتحكم فيها بالشكل الذي يناسبه. وطورت شركة “أوربت هولوغرافيك” تقنية الواقع المعزز التي تمكن من رؤية المنتجات الافتراضية بأبعادها. ويقول أندريان دالبيرتو بوهو، أحد مؤسسي الشركة، “لقد وفرنا للعلامات التجارية حلا لا مثيل له للتواصل مع الزبائن الذين أضحى بإمكانهم رؤية المنتج بشكل ثلاثي الأبعاد، وخلقنا محتوى ونظاما للتفاعل”، حيث بإمكان الزبون رؤية المنتج من زوايا متعددة، وفي وضعيات مختلفة” قبل الإقدام على خطوة الشراء.