إذا نجح الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي في التوصل إلى اتفاق تجارة حرة مع إيران، فهذا يعني انتصاراً للاتحاد الناشئ الذي دشن عام 2015، ويعكس مدى تعزيز العلاقات بين طهران وجمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقاً. ويهدف الاتحاد -وهو عبارة عن سوق موحّدة تجمع ما بين روسيا، وكازاخستان، وروسيا البيضاء، وقرغيزيا، وأرمينيا- إلى تحقيق هذا الإنجاز الجوهري في نهاية العام الجاري، وفق ما قال وزير الاقتصاد الكازاخستاني تيمور سوليمينوف في حديثه لصحيفة البريطانية. وتتواصل المباحثات لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق التجارة الحرة مع طهران، في وقت تتصاعد فيه مؤشرات تنبئ بتدهور علاقة إيران بالولايات المتحدة. وقد هاجم الرئيس الأميركي دونالد ترامب طهران خلال جولته الخارجية الأسبوع الماضي، متهماً إياها في خطاب له بالسعودية، بإشعال "نيران الصراع الطائفي والإرهاب" في المنطقة. ويجري الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي، مباحثات مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الثلاثاء 30 مايو/أيار، قبل أن يغادر إلى باكو عاصمة أذربيجان. ويضيف سوليمينوف، الذي أصبح وزيراً للاقتصاد في ديسمبر/كانون الأول بعد أن عمل سابقاً وزير الاقتصاد والسياسة المالية لدى مفوضية الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي في موسكو: "نرغب في توقيع إطار عمل بحلول نهاية العام". واتفق رؤساء حكومات الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي في مارس/آذار الماضي على منح مباحثات طهران الأولوية، إذ توقعوا توافر فرصة للتوسع ما وراء السوق المشتركة للاتحاد والبالغ تعداد السكان فيها 183 مليون نسمة. لكن في الوقت ذاته، حذر سوليمينوف البالغ من العمر 39 عاماً والذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة الأميركية، من أن أي تدهور في العلاقات التجارية الأميركية الصينية، قد يُلحق ضرراً بدول وسط آسيا. وتأتي هذه التحذيرات، بعدما اتسمت حملة ترامب الانتخابية بغلبة خطاب قوي معادٍ للتجارة الحرة وتوجيه نقد لاذع للصين، التي هددها بفرض رسوم جمركية على صادراتها واتخاذ خطوةٍ لتصنيفها كمتلاعبٍ بالعملة. إلا أن لقاءاته الأخيرة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ وإبرام اتفاق تجاري خلال الشهر الحالي، لمنح الشركات الأميركية قدرة أكبر للنفاذ إلى السوق الصينية، يرفع الآمال بأن ترامب سيكون أقل عدوانية تجاه بكين بعد وصوله إلى الحكم. لكن سوليمينوف يقول في هذا الإطار: "أنا شخصياً أخشى من تعاملات ترامب مع الصين. تعد الولايات المتحدة شريكاً سياسياً استراتيجياً لكازاخستان. إن أهميتها السياسية أكبر بكثير من دورها الاقتصادي. لكن الصين مهمةٌ على الصعيدين. فهي شريك سياسي واقتصادي لنا". ويتابع الوزير،، قائلاً: "إذا ما أُصيبت العلاقات الصينية الأميركية بضررٍ، فإننا سنتأثر سواء بسبب نشوب حرب تجارية -إذ تقوم الشركات الصينية بالفعل بإغراق السوق الكازاخستانية وسوق الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي بالسلع- أو بسبب خفض قيمة اليوان. هناك العديد من التداعيات الأخرى التي قد تؤثر علينا". وترى حكومات الدول في منطقة وسط آسيا أن سياسة طريق الحرير الجديد، والتي تعرف أيضاً بمبادرة "حزام واحد، طريق واحد"، والتي تسعى من خلالها الصين إلى توسيع علاقاتها التجارية مع دول وسط آسيا، خطوة هامة لتحفيز نموها الاقتصادي. وتعد الصين أكبر مستثمر في كازاخستان وأكبر مُصدِّر لها. وتبيع بكين سلعاً بقيمة 6 مليارات دولار سنوياً إلى كازاخستان. كما تفوقت الصين على روسيا، ذات الثقل الإقليمي التقليدي، كأهم شريك تجاري للعديد من الدول المجاورة لكازاخستان.