توماس هيل الانتخابات المنتظرة في هولندا وفرنسا تضغط على أعصاب المستثمرين في السوق الذين يأخذون بعين الاعتبار بدء تخفيض مشتريات البنك المركزي من السندات وهو ما يرفع درجة المخاطر إلى مستويات عالية تستعد أسواق الأسهم الأوروبية لموجة جديدة من التذبذب ستكون أكثر شدة خلال الأشهر القليلة المقبلة، لسببين أحدهما بدء البنك المركزي الأوروبي في تخفيض برنامج التيسير الكمي والثاني اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في عدد من الدول الأعضاء. وتعكس تداولات العقود الآجلة على مؤشر في ستكوس الذي يقيس درجة عدم الاستقرار في مؤشر يورو ستوكس 50 أهم مؤشرات القارة، الرهان على موجات تذبذب عارضة بمجرد أن يبدأ البنك المركزي بخفض حجم مشترياته الشهرية من السندات اعتباراً من نهاية شهر مارس/ آذار المقبل وقبل بدء الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي تجري يوم 23 إبريل/ نيسان المقبل. وقد ارتفعت قيم العقود الآجلة على مؤشر في ستوكس بنسبة 4% خلال الأسبوع الماضي لتصل إلى 23.7 نقطة بينما بقيت عقود مارس خلال نفس الفترة على حالها دون تغيير عند 18.8 نقطة في الوقت الذي ارتفعت عقود مايو/ أيار إلى 22.4 نقطة. وكانت درجة التذبذب في الأسهم الخمسين الأولى أوروبياً قد تراجعت خلال العام الماضي ثم انخفضت في يناير/ كانون الثاني 2017 إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2014. إلا أن الانتخابات المنتظرة في هولندا في مارس وفي فرنسا في إبريل/ نيسان تضغط على أعصاب المستثمرين في السوق الذين يأخذون بعين الاعتبار أيضاً بدء تخفيض مشتريات البنك المركزي من السندات وهو ما يرفع درجة المخاطر على المستوى الوطني إلى مستويات عالية. وتزامنت أولى مؤشرات الزيادة في تذبذب أسواق الأسهم مع توجه ساد أسواق العالم بارتفاع نسب العائد على السندات مع قرب انتهاء موجة أسعار الفائدة الصفرية التي طال أمدها. وقد أعلن البنك المركزي الأوروبي أنه سوف يبدأ تخفيض مشترياته من السندات من 80 مليار يورو شهرياً إلى 60 مليار يورو اعتباراً من شهر إبريل/ نيسان. وكان البنك قد اشترى أصولاً بما يزيد على 1.5 تريليون يورو وهو ما منح الأسهم والسندات الأوروبية زخماً إضافياً وخفض معدلات العائد إلى مستويات تاريخية لم تشهدها من قبل. لكن ذلك التوجه بدأ في التحرك العكسي خاصة في إيطاليا وفرنسا اللتين تقودان الحملة. ففي إيطاليا حيث تضغط مشاكل البنوك المثقلة بالقروض المعدومة على الأسهم، ارتفعت معدلات العائد على السندات إلى 2.4% وهو أعلى مستوى تبلغه منذ عام. وبلغ الفارق بين العائد على سندات السنوات العشر الإيطالية ومثيلتها الإسبانية أعلى مستوى له منذ عام 2012. كما بلغ معدل العائد على نفس الفئة من السندات الفرنسية أعلى مستوى له بالمقارنة مع السندات الألمانية منذ يناير/ كانون الثاني 2014. وهناك بوادر على عدم اليقين كشف عنها سعي كبار حاملي السندات الجديدة الحثيث نحو التخلص من حيازاتهم منها بأسرع ما يمكن. وكشفت دراسة أعدتها شركة ديلوج أن شهر يناير الماضي شهد أكبر موجة بيع للسندات المقومة باليورو. وقالت أديتيا شوريدا المحللة المختصة بالأسهم والسندات لدى مجموعة جيه بي مورجان: نظراً لاقترابنا من نهاية برنامج التيسير الكمي ومع بروز مخاطر سياسية في الأفق نتوقع تراجع عمليات إصدار السندات مقارنة مع العام الماضي. وقد بلغت قيمة السندات المقومة باليورو التي تم بيعها خلال شهر يناير 2017 حوالي 184 مليار يورو أي بزيادة بنسبة 11% على أساس سنوي وهو أعلى رقم تسجله بيانات ديلوج في تاريخها. كما بلغت قيمة السندات السيادية التي عرضت للبيع 91 مليار يورو أي بزيادة بنسبة 40% عن نفس الفترة من العام الماضي وهو أعلى رقم مسجل رسمياً. وتزامنت حركة البيع النشطة مع بداية عام قوية في أسواق الولايات المتحدة حيث تجاوزت مبيعات السندات الأرقام القياسية عشية تصاعد الرهانات على رفع أسعار الفائدة. وبالإجمال يمكن القول، إن أسواق السندات العالمية تشهد نشاطاً غير مسبوق لم تعرفه منذ عام 2013. كاتب في فايننشال تايمز