×
محافظة العديد

احترام وترسيخ حقوق ذوي طيف التوحد

صورة الخبر

وقَّعت "هيئة حقوق الإنسان" و"جمعية أسر التوحد" في ديسمبر الجاري، مذكرة تعاون تهدف إلى تنظيم العلاقة بين الجانبين، وتطوير آليات العمل الخاصة بحماية حقوق ذوي "طيف التوحد" في المملكة العربية السعودية.. تأتي هذه الخطوة بغية وضع أسس عمل مؤسسي دائم، يربط بين التوعية والرصد والتفاعل القانوني، ويستجيب للحاجة المتنامية لبيئة تنظيمية واضحة، تحكم التعامل مع حقوق هذه الفئة من المجتمع التي تزداد نسبتها يوماً بعد آخر، فيما النظرة النمطية السلبية تجاهها، أو غير العارفة بطبيعتها وحقوقها، هي السائدة في العديد من البيئات، ما يجعل وضع التشريعات الحمائية والخطط التوعوية أمراً ملحاً للغاية. تتضمن "المذكرة" تنظيم برامج تثقيفية تشمل الندوات والمحاضرات وورش العمل، وتمكين "الجمعية" من تقديم البلاغات الحقوقية مباشرة إلى "الهيئة" والتنسيق في المشاركات الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان، إضافة إلى المشاركة المتبادلة في الفعاليات والأنشطة، ونشر البرامج والدورات الداعمة للأسر، وتبادل الخبرات والمشورة وفق اختصاص كل طرف. هذه المسارات تشكل إطاراً يمكن تطويره تدريجياً ليكون أداة عملية لتعزيز الوعي، وضمان وجود مسار حقوقي واضح يمكن للأسر الرجوع إليه، ويدفع باتجاه إيجاد مشاريع تعليمية وتأهيلية تلبي الاحتياجات الخاصة لذوي "طيف التوحد" تساعدهم على تجاوز التحديات التي يواجهونها. لا يمكن قراءة هذه "المذكرة" بمعزل عن مستهدفات "رؤية المملكة 2030" التي وضعت رفاهية المواطن وتمكينه في صلب برامجها. وفي هذا السياق، سبق أن أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أن "رؤية 2030 تهدف إلى تقديم سبل العيش الكريم للمواطنين"، وهو تصريح يعكس الاتجاه العام للدولة في بناء منظومة خدمات وسياسات تضع الإنسان في مركز اهتمامها وليس على هامشه. والمواطن هنا لا تنقص حقوقه أو يستثنى في حال كان من ذوي الاحتياجات الخاصة، بل على العكس تكون له أولوية واهتمام أكبر! هذا التوجه ينسجم مع طبيعة "المذكرة" التي تم توقيعها، بوصفها وثيقة تساهم في تعزيز جودة الحياة لذوي "التوحد" من خلال بناء آليات تحمي حقوقهم، وتقلل الفجوة بين النصوص النظامية والواقع اليومي الذي يواجهونه في المدارس والمراكز الصحية وجهات العمل والأماكن العامة. في الإطار ذاته، يأتي تصريح رئيس مجلس إدارة "جمعية أسر التوحد" الأمير سعود بن عبدالعزيز بن فرحان، الذي يؤكد بعداً حقوقياً واضحاً حين كتب "حماية أبنائنا مسؤولية مشتركة، وتعزيز كرامتهم واجب وطني وإنساني". ما يعطي المذكرة معناها العملي؛ إذ يحولها من مجرد وثيقة استرشادية، إلى التزام مشترك بين المجتمع والمؤسسات الرسمية، بهدف صون الكرامة الإنسانية. تفعيل "المذكرة" سيتطلب تطوير آليات عمل دقيقة لتلقي البلاغات وتوثيقها، وتقديم توعية مهنية للمؤسسات الأكثر تعاملًا مع ذوي "التوحد"، وبناء قدرات الأسر على التعامل القانوني مع الحالات التي تستوجب التدخل. من هنا، فإن نجاح "المذكرة" سوف يقاس بقدرتها على جعل الحقوق أكثر قابلية للتطبيق يوماً بعد آخر، وجعل البيئة المؤسسية أكثر استجابة وشفافية، والدفع نحو حصول ذوي "طيف التوحد" على حقوقهم التامة في التعليم والتدريب والبيئة العملية المناسبة لهم دون تمييز أو تنمر!