بعد شرحي للشخص الذي استشرته حول تجاهل المسؤول لشخصي لأكثر من أسبوع عمل، قال: إن شاء الله ما يكون اليوم في الأحساء، مالك إلا الدكتور خالد السيف «أصبح هذا المسؤول القدوة الأفضل في حياتي». عرفت لاحقا أنه وكيل الجامعة، يعمل أياما بالجامعة بالأحساء وأخرى في فرعها بالدمام. أيضا لم أكن أعرف موقع مكتبه، فأوصلني بنفسه. شرح لسكرتيره رغبتي في مقابلته، شكرته وانصرف. دخلت فورا لمقابلته. تفاجأت بأنه الشخص الذي أجرى مقابلة قبولي في الجامعة. تذكرني. استعد وتهيء للسماع. ذلك عزز ثقتي في نفسي لأبوح بما أحمل من هواجس وتوقعات. ولأني موظف جديد، بجانب انعدام الخبرة، كنت في وضع أشبه بمن يمزج بين الاستشارة والشكوى. تفاجأ بما أقول. لم يتركني استرسل في الحديث. سألني عن اسم المسؤول؟ لم استطع تقديم إجابة، أو أي معلومة عن اسم إدارته. فجأة نهض وطلب مني مرافقته إلى مكتب هذا المسؤول. وصلنا. أشرت للباب المعلق عليه لوحة ورقية تقول «الدخول عن طريق السكرتير». مد يده وسحبها. أخذ في تمزيقها. اتجه الى مكتب السكرتير وشخصي يتبعه. لم يتوقف. واصل التقدم نحو باب مكتب المسؤول. فتحه. دخل عليه فجأة. من رهبة المشهد ورعبه توقفت في مكتب السكرتير الذي تجمد الدم في عروقه. لم يعرف ماذا يفعل. أصبح كجلمود صخر بعيون جاحظة تنبئ بالتساؤلات والرعب. سمعت صوت الدكتور السيف عاليا في نقاش حاد. خفت. أطلقت لنفسي العنان هاربا خارج مكتب السكرتير. أنطبع المشهد في نفسي. أعطاني درسا في الإخلاص، والتفاني الوظيفي، والمسؤولية مع بداية حياتي العملية. خرج من المكتب يبحث عن شخصي. كنت خارج المكتب خوفا من تطور لن أحسن التصرف معه. فجأة صاح ينادي لأتبعه. رجعنا إلى مكتبه. وسط توتر عالي الرهبة خوفا من المجهول، تساءلت: ماذا فعلت؟ هل كان تصرفي صحيح؟ لم أتوقع كل أحداث هذا الموقف. في مكتبه استمر عرض شريط الإجراءات التي اتخذها. لم أعرف لها تفسيرا في وقته. جلس على كرسيه. طلب مني الجلوس على كرسي أمام مكتبه. ساد صمت كله ضجه تساؤلات، وتحوم حوله سحابة تعجب. رفع سماعة التلفون. طلب من أحدهم الحضور فورا. دخل علينا في المكتب. جلس بعد أن سلم. فجأة خاطبه الدكتور السيف قائلا: من هذه اللحظة أنت مدير إدارة «....»، ثم قدمني لشخصه. شرح أن مهمته الجديدة توفير كل ما يطلبه شخصي، مع ضرورة اشعاره فورا في حال وجود أي مشكلة. كان الموظف صامتا أمام ما يجري، لكنه كان يردد كلمة: تم. قام المسؤول الجديد خارجا من المكتب. قمت أيضا. أثناء مغادرته حاولت المغادرة برفقته. لكن الدكتور السيف طلب مني الانتظار. وطلب من المسؤول الجديد انتظاري خارج المكتب. استفرد بشخصي، وقال: هل تستطيع تنفيذ وإنجاز مشروع هذه الحديقة؟ من الرعب والخوف وأحداث الموقف أجبت بكلمة: نعم! كان عندي صور من مخطط التنفيذ. هذا أعطاني الثقة بأني لن أعجز عن فك رموزه وقراءته بشكل صحيح، وأيضا العمل على تنفيذه وفق قواعده المرسومة على الورق. لم أكن أعلم أن هذا الموقف مهد لطريقي نحو المياه الجوفية وبعمق. ويستمر الحديث. mgh7m@yahoo.com