لم تكن العلاقات السعودية-الموريتانية وليدة اللحظة، بل هي تاريخية تعود إلى ما قبل نشأة الدولة الموريتانية الحديثة، حيث استقبلت السعودية سفراء بلاد شنقيط الذين قدموا إلى البيت الحرام والمسجد النبوي في المدينة المنورة. منذ استقلال الجمهورية الإسلامية الموريتانية في 28 نوفمبر 1960، ظلت المملكة العربية السعودية سندًا حقيقيًا لموريتانيا، وعونًا لها في جميع القضايا والأحداث، حيث وقفت إلى جانبها في كافة المناسبات والمحافل الدولية. كانت زيارة الملك فيصل التاريخية إلى نواكشوط عام 1972 انطلاقة قوية للعلاقات بين البلدين، واستمرت هذه العلاقة في التطور، وصولًا إلى زيارة سمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد إلى موريتانيا عام 2018، بالإضافة إلى زيارات كبار المسؤولين من كلا الجانبين، ما عزز من أواصر التعاون المشترك. شهدت السنوات الأخيرة تطورًا ملحوظًا في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث وُقّعت العديد من الاتفاقيات في مجالات البنية التحتية والطاقة. استثمرت السعودية بشكل كبير في موريتانيا، خاصة في مجالات التعدين والنفط والغاز، إلى جانب مشاريع تنموية تهدف إلى تحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية. تعتبر المملكة أكبر ممول لمشاريع التنمية في موريتانيا، حيث بلغ حجم الدعم السعودي خلال السنوات الأخيرة ما يقارب 800 مليون دولار، مولت 48 مشروعًا تنمويًا في مختلف القطاعات. على سبيل المثال: • تمويل مشروع تزويد مدينة كيفه بالماء الصالح للشرب بقيمة 100 مليون دولار. • قرض ميسر بقيمة 40 مليون دولار لإنشاء معاهد في العلوم الإدارية والتربوية. • تمويل إنشاء مستشفى أطار بقيمة 10 ملايين دولار، والذي تم تدشينه عام 2023. • إنشاء مستشفى الملك سلمان في نواكشوط بتمويل يصل إلى 53 مليون دولار، ليصبح أكبر منشأة طبية في موريتانيا بعد استكماله. قدمت المملكة دعمًا كبيرًا لموريتانيا في مجالات التعليم والصحة، بما في ذلك بناء المدارس والمستشفيات، وتقديم المنح الدراسية للطلاب الموريتانيين للدراسة في الجامعات السعودية. تهدف هذه الجهود إلى تحسين مستوى التعليم والرعاية الصحية، مما يسهم في تحسين جودة الحياة للسكان. شهدت علاقات البلدين نشاطًا دبلوماسيًا مكثفًا في السنوات الأخيرة، تمثل في تبادل زيارات المسؤولين رفيعي المستوى، ووفود رجال الأعمال والمسؤولين العسكريين. كما وافقت الهيئة العامة للطيران المدني في السعودية على منح “الخطوط الموريتانية” تصريحًا لتشغيل رحلات منتظمة بين نواكشوط والمدينة المنورة، مما يعزز التواصل بين الشعبين الشقيقين. تحتفل موريتانيا هذه الأيام بعيد استقلالها الوطني الرابع والستين، الذي أُعلن في 28 نوفمبر 1960 على يد مختار ولد داداه. منذ ذلك الحين، شهدت البلاد تطورات مهمة، شملت إصدار العملة الوطنية، وتأميم شركات المناجم، وإنشاء دستور البلاد، بالإضافة إلى الانضمام إلى الأمم المتحدة عام 1961، والجامعة العربية عام 1973. تمتلك موريتانيا موارد طبيعية غنية، تشمل الحديد والنحاس والذهب، فضلًا عن احتياطيات هائلة من النفط والغاز، تقدر بـ400 مليون برميل من النفط و100 تريليون قدم مكعب من الغاز. حوالي 80% من هذه الاحتياطات توجد في حقل “بئر الله”، مع موارد إضافية في حقل السلحفاة المشترك مع السنغال. موريتانيا بحاجة إلى اهتمام عربي أكبر ومزيد من الاستثمارات لتعزيز تنميتها واستغلال مواردها الغنية.