لم أتوقع تفاعل العامة مع مقال الخميس الماضي بعنوان "حلول ناجعة للازدحام المروري"، والذي استعرضت من خلاله بعضاً من الحلول للازدحام المروري بمدن المملكة عموماً، وبمدينة الرياض خصوصاً، والتي يعود فضلها للمهندس عبدالعزيز السحيباني المهتم بالتخطيط الاستراتيجي والنقل، الذي تحدث عن معظمها خلال اللقاء التلفزيوني ببرنامج "من إلى" بقناة إم بي سي. وكان أيضاً لنتائج استطلاع رأي العموم الذي أجرته الصحيفة في وقتٍ سابق عن الازدحام المروري الذي تعيشه مدينة الرياض، ونشرت بالمقال، دوراً مهماً في تفاعل القراء والمتابعين، وكذلك صحيفة مكة الإلكترونية، وهاشتاق السعودية الذي كان دور واضح وملحوظ في التأثير بنشر الحلول وتفاعل العموم معها، حيث تجاوز عدد التفاعلات 66 ألف تفاعل. من الحلول التفاعلية التي طُرحت من قبل العموم كردود أفعال وآراء، إعادة النظر في تخطيط أحياء المدينة، بحيث لا تَعج وتزدحم بالمؤسسات الخاصة والعامة ومرافق الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها، والتفكير في نقل بعض المؤسسات والأجهزة الحكومية خارج حدود المدينة، وبالذات التي ليس لخدمتها علاقة مباشرة بأفراد المجتمع، ما سيساعد على التخفيف من حدة الازدحام، باستحداث مدن طرفية وخلق وظائف جديدة للمواطنين والمواطنات. ومن بين الحلول أيضاً، إلغاء بعض الإشارات المرورية والاستعاضة عنها بعلامات "قف"، سيما وأنها أثبتت فعاليتها داخل الأحياء لتنبيهها قائد المركبات بوجوب التوقف تماماً عند التقاطعات لفسح المجال أمام المركبات بالمرور وفق أولوية التوقف، مع ضرورة التشديد على الالتزام بالتوقف واحترام قائدي المركبات بإعطائهم حق المرور تبعاً لأولوية الوقوف. البعض اقترح التقليل من الأجزاء المخصصة للدوران للخلف وبالذات بالطرق السريعة تفادياً لما قد تتسببه في وقوع حوادث مرورية أليمة بسبب التقاء المركبات القادمة من الاتجاه المعاكس للطريق بالمركبات التي تقوم بالالتفاف، أو على الأقل إعادة تصميم البعض منها، بما يعزيز من السلامة المرورية. البعض الآخر اقترح توفير مناطق عامة واسعة تخصص مواقف للمركبات، وبالذات بالأحياء والمناطق التي تتواجد فيها المحلات التجارية والعمائر التي تحتوي على شقق سكنية، بحيث يقلل ذلك من وقوف المركبات على جنبات وأطراف الطرقات. لربما تَبني بعض شركات القطاع الخاص والعام بما في ذلك الأجهزة الحكومية تطبيق ساعات العمل المرن والعمل عند بُعد لبعض الأعمال الإدارية التي لا تتطلب تواجد الموظفين بمقار العمل، قد يساعد على التخفيف من حدة الازدحام المروري، وبالذات بالطرقات الرئيسة. قدم منتدى الرياض الاقتصادي في دورته التاسعة، دراسة عميقة عن دور التنمية المتوازنة التي تشجع على الهجرة العكسية في مناطق المملكة في ضوء رؤية السعودية 2030، والتي طالبت باتخاذ إجراءات وتنفيذ خطط وبرامج، لتشجيع الهجرة العكسية، وتخفيف الضغط السكاني على المدن الرئيسة والمراكز التابعة لها، والتي قد تكون إحدى الحلول المناسبة للتخفيف من حدة الازدحام المروري بالمدن الرئيسة. هناك من يطالب بتقنين أعداد المركبات على الطرقات، بربط تواجدها على الطرقات بموديلات معينة وبملكية تتناسب مع نوعية المهن ومستوى الدخول، ما قد يساعد على تقنين تواجدها على الطرقات والتخفيف من حدة الازدحام المروري. أجرت الصحيفة ندوة بعنوان "حلول عاجلة لمعالجة الازدحام المروري"، سلطت الضوء على الازدحام المروري وخلصت باقتراحات من بينها: ضرورة توفير الشركات لحافلات نقل لموظفيها، التشديد على التوعية والالتزام بالعقوبات والتكامل بين الجهات لتحقيق السلامة المروية، تعزيز الثقافة المرورية، وتوظيف التكنولوجيا وإيجاد قناة إعلامية مرورية. أخلص القول؛ إن حالة الازدحام المروري التي نعيشها بشكل يومي بمدينة الرياض، أصبحت تؤثر وبشكل مباشر على جودة الحياة، وأيضاً على صحة قائدي المركبات، بسبب الضغط العصبي والنفسي الذي يتعرضون له بسبب الازدحام واستنشاقهم هواءً مختلطا بالغازات السامة التي تنفثها عوادم السيارات، ما يتطلب اتخاذ حلول وتدابير مرورية عاجلة وسريعة لحين اكتمال تنفيذ برنامج تطوير محاور الطرق الدائرية والرئيسة بالمدينة التي تشمل المجموعة الأولى منها على أربعة مشاريع بتكلفة تتجاوز 13 مليار ريال التي أعلن عنها مجلس إدارة الهيئة الملكية لمدينة الرياض.