×
محافظة الأحساء

مريض لم أنسه - أحمد المغلوث

صورة الخبر

كنت في التسعينيات الهجرية أعمل في صيدلية مستشفى الملك فيصل بالهفوف فني صيدلة قبل أن أكمل دراستي الجامعية وأتحول مديراً للعلاقات العامة والإعلام بصحة الأحساء. وفي أحد الأيام عندما كنت أصرف الأدوية لأحد المرضي وكان مصابا بمرض يحتاج لكمية كبيرة من الأدوية خاصة لهذه النوعية من الأمراض وكما أخبرني وهو يكاد يبكي، وبصوت تخنقه العبرة مردداً الله يخليك يا ولدي أنا «جاي» من مكان بعيد في الصحراء وأحتاج لساعتين جاي ومثلها رايح علشان أراجعكم، وراح يتوسل داعيا في حالة انكسار شديد وبين كلماته التي كانت تخرج من شفتيه، كان يعاني من سعال جاف يجعل جسمه النحيل يهتز مع كل «سعلة» وطلبت منه أن يستريح على المقعد المجاور لشباك صرف الأدوية وأخبرته بأني سوف أراجع طبيبه فوراً وطلبت من مدير الصيدلية أن يحل محلي، خرجت وفي يدي وصفة الدواء لم أذهب لطبيبه لحظتها ولكني توجهت مباشرة لمدير المستشفى أيامها د .جميل خطاب -رحمه الله - وعرضت عليه وصفة المريض، وشرح عليها يصرف له دواء لثلاثة شهور بل أنه رفع سماعة الهاتف واتصل بالطبيب مستفسراً منه إذا كانت حالة مريضه تحتاج للتنويم في المستشفى، أعاد لي المدير الوصفة طالبا مني أن أراجع الطبيب شخصيا، وكان المدير قد طلب منه أن يضاعف الأدوية للمريض، بل وأن يطلب منه أن يراجع المستشفى في حالة خروج دم أو مخاط بخطوات سريعة. خرجت من مكتب المدير وتوجهت لعيادة الطبيب ويدي مطبقة بشدة على الوصفة وأنا أشعر بسعادة لا توصف وما أن دخلت على الطبيب الذي استقبلني مبتسما وسلمني وصفة بديلة عدت للصيدلية ورحت أجهز الأدوية للمريض وعندما اكتملت رحت أنادي عليه وعندما رحت أسلمه أدويته وعيناه تكاد تتسعان بنظرات فيها الكثير من الفرحة والسعادة، ثم راح يردد رحم الله والديك، رحم الله والديك، والله يحفظ وطنا وقاطعته يا بوي احنا في خدمتكم، وهذا واجبنا. وماذا بعد، ها هي الصحة في بلادنا ومن خلال «صحتي» تصل إليك أدويتك لباب بيتك بل كم حالات مرضية توجهت إليها طائرات الإخلاء الطبي في مختلف دول العالم لتنقل حالات مرضية لمواطنين ومواطنات تقطعت بهم السبل، وكان لهم الوطن القلب الحنون الذي لم يتردد أن يمد لهم أياديه الكريمة ليرعاهم بحب وحنان واهتمام كبير. والمتابع لما تقوم به وزارة الصحة في السنوات الماضية من فعاليات وخدمات وتطوير لخدماتها يكتشف كيف وصلت خدمات الوزارة لكل مكان في الوطن تجدها متوفرة في المراكز الصحية في المناطق النائية والهجر المختلفة، بل جاء إطلاق برنامج التحول القطاع الصحي في هذا العهد ليعزز من هذا البعد الإنساني والخدمي مؤكدا على استمرارية تناميه وتطوره للمستقبل، وليواكب ما يعيشه الوطن من نهضة في مختلف المجالات، ومواكبا لرؤية الوطن المتنامية يوما بعد يوم.