تشرق الاكتشافات السعودية من جديد عبر اكتشاف قرية أثرية من العصر البرونزي في واحة خيبر، شمال غربي المملكة، ويؤكد هذا الاكتشاف التزام المملكة بالحفاظ على التراث العالمي، وتعزيز التراث الثقافي وفقًا لرؤية المملكة 2030، مع أهمية تعزيز الشراكات الدولية لتقديم هذا الإرث الغني للأجيال القادمة وللعالم. وتماشياً مع ما تم ذكره فإن أهمية هذا الاكتشاف الأثري وانعكاسه على المملكة في مجال الآثار على الصعيد الدولي وما تكتنزه أرض المملكة من عمق حضاري، يعزز من جهودها في حماية التراث الثقافي والتاريخي، وعنايتها بتبادل المعرفة والخبرات مع العالم، لتعزيز الوعي بالتراث الإنساني المشترك. القرية المكتشفة التي تُدعى «النطاة»، تقدم دليلاً على وجود تقسيم واضح ضمن الحصون والمدن لمناطق مخصصة للسكن وأخرى جنائزية، ويعود تاريخ القرية إلى قرابة 2400 - 2000 قبل الميلاد، حتى 1500 - 1300 قبل الميلاد، وبلغ عدد سكانها 500 شخص ضمن مساحة 2.6 هكتار، مع وجود سور حجري بطول 15 كلم يحيط بواحة خيبر لحمايتها. وحيث إن الثابت وقوع واحة خيبر على أطراف حقل حرة خيبر البركاني، وتشكلت عند التقاء 3 أودية في منطقة جافة. ووجدت قرية «النطاة» في الأطراف الشمالية للواحة تحت أكوام من صخور البازلت، حيث كانت مدفونة لآلاف السنين. ولا شك بأن هذا الاكتشاف -بحسب الخبراء- «سيغيّر من المفاهيم السابقة»، بأن المجتمع الرعوي والبدوي كان النموذج الاجتماعي والاقتصادي السائد في شمال غربي الجزيرة العربية، خلال العصر البرونزي المبكر والمتوسط كما أن المنطقة كانت تضم عدداً من الواحات المسوّرة المتصلة مع بعضها، والمنتشرة حول المدن المحصنة مثل تيماء. وتمّت دراسة هذا الاكتشاف من قبل الهيئة الملكية لمحافظة العلا بالتعاون مع الوكالة الفرنسية لتطوير محافظة العلا والمركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية، ويتولى قسم الآثار والحفظ والمقتنيات في الهيئة إدارة أحد أكبر برامج البحث الأثري في العالم، في إطار جهوده لتعزيز الوعي العالمي حول العلا بوصفها وجهةً عالميةً للتراث الثقافي، إلى جانب تضمين هذا الاكتشاف في بحثٍ أثريٍ جديد تمّ نشره في مجلة (بلوس ون) العلمية. تشرف الهيئة الملكية لمحافظة العلا على إعداد 10 مشاريع أثرية، بمشاركة 100 عالم آثار ومختص في العلا وخيبر، ليسهم الاكتشاف بترسيخ مكانة العلا والمملكة كمركز عالمي للأبحاث الأثرية والحوار الثقافي، ويأتي الإعلان بعد انعقاد ندوة العلا العالمية للآثار 2024، التي شهدت مشاركة مجموعة متعددة التخصصات من علماء الآثار وخبراء التراث الثقافي من جميع أنحاء العالم حول موضوع «استشراف المستقبل: آثار وتراث المجتمعات المتنقلة عبر الماضي والحاضر والمستقبل».