ما بين بيئة «البداوة» الزاخرة بزف المبدعين إلى محافل «الانتماء» وهيئة «الحفاوة» الفاخرة بتتويج البارزين في منصات «العطاء» صال وجال مسخراً فروسية «الأثر» وفراسة «التأثير» في صناعة سيرة تجللت بوقع المعارف وتكللت بواقع المشارف. اعتمر «البياض» كطبيب بارز وعانق «التيجان» كضابط محترف ونازل «الاغتراب» كمبتعث مثابر حتى نال صدى «السمعة» وحصد مدى «الصيت» في متون من الأعمال وشؤون من الأفعال تجلت كمشاهد علمية وشواهد عملية. إنه مدير الخدمات الطبية بالقوات المسلحة الأسبق اللواء طبيب كتّاب بن عيد العتيبي رحمه الله أحد أبرز القيادات والأطباء في الوطن. بوجه تتلألأ منه ومضات «اليقين» وإضاءات «التمكين» وسحنة «حنطية» تسكنها تقاسيم بدوية بحكم الأصول وندية باحتكام الفصول وعينان تلمعان بنظرات الحنكة ولمحات الحكمة وصوت ندي مسجوع بلهجة بيضاء في مجالس الأقارب والأصدقاء ولغة عصماء تعتمد على مخزون طبي ومكنون مهني في مواقع القرار ومواطن المسؤولية.. ومحيا عسكري مهيب يتكامل على «بزة عسكرية» مكتظة بأوسمة «التكريم» وأنواط «التتويج» يوظفها تاج يعكس المهارة وسيفان يشعان بالجدارة وأناقة مشعة بالحضور العسكري ولباقة ساطعة بالتواجد الرسمي قضى العتيبي من عمره عقودا وهو يملأ ردهات المستشفيات بمنجزات الطب ويبهج طاولات القرار بموجبات الأخلاص ويثري مناسبات الوطن بواجبات الاحتراف طبيباً وقيادياً وريادياً وعسكرياً ومستشاراً حفر اسمه في ذاكرة «الوفاء» واستذكار «الاستيفاء» وترك سيرته «ناصعة» الذكر في قوائم الكبار ومقامات الاعتبار. في أحد السهول الصحراوية قرب محافظة عفيف على طريق الرياض الحجاز ولد في أيام عيد الأضحى المبارك واحتفت به أسرته، وابتهجت «مضارب» البادية بقدوم فارس جديد إلى كتيبة الأسرة العتيبية الشهيرة بالأصالة.. وتيمناً بالعيد فقد اختار له والداه أسم «ضويحي» أو «مضحي» إلا أن الاسم تحول إلى «كتاب» بناء على «رؤية» في المنام حملها أحد الجيران بأن يسمى المولود بهذا الاسم «الكبير» في المعنى والقيمة.. الأمر الذي ألبسه حلة من الانفراد في التسمية والمسمى رافقته طوال حياته الامر الذي جعله يسأل في مراحل لاحقة من عمره عن معناه فوجده مشتقاً من الحزم والانضباط والالتزام التي رافقته في حياته بوسطية فريدة وموضوعية منفردة، استمد من محيط «الصحراء» سمات المروءة والشهامة واقتبس من شموخ «البادية» صفات الكرم والجود وانتهل من سلالة العائلة قيم الفضائل وشيم المكارم. ركض كتاب طفلاً في مهمة «الملحاق» كمرافق لرعاة الماشية وتعلم من ثنايا قسوة الطفولة حظوة البطولة التي حصدها بالتمرس على شظف العيش وظروف التعايش. واجه كتاب مصاعب البدايات وفرضيات التنقل بين صحاري «العارض» وتكيف جسده «الغض» على لدغات العقارب الجائلة والتي عالجها بالصبر والتعود.. تجرع كتاب اليتم الباكر بعد رحيل والده بمرض» التهاب الرئة» والذي توفى على أثره في ظل نقص الرعاية الصحية والعلاج ثم لم يلبث أن يكفكف دموع الفقد حتى فجع بوفاة والدته بعد والده بشهرين وأربعة أيام فارتمى في أحضان عمه الذي سد «فراغ» الوجع وردم «هوة» الفاجعة بحنان باذخ وعطف عظيم واجه به ويلات «الرحيل» المفاجئ لوالديه في وقت وجيز وتجاوز به عوائق «الألم» المبكر ليمضي في رحلة جديدة مشبعة بالمصابرة والمثابرة. عاش كتاب مع عمه وأسرته وإخوانه وأخواته في بادية النظيم وخشم العان في نجد العذية وتعتقت نفسه برياحين مساءاتها المفعمة بعبير الليل وتشربت روحه أنفاس نهاراتها الموسومة بأثير الفجر وتشكلت في ذهن «الفتى الصغير» نباغة أولى جعلته ثاوياً في ساحة «التفكر» الباكر بحثاً عن مستقبل واعد. انتقل كتاب للعيش في «المرقب» واستقر مع أخيه الذي كان يعمل بالقطاع العسكري ثم بدأ بالتعلم الأولي على يد معلم سوداني ملقب بالسناري ثم التحق بالمدرسة العسكرية عام 1372 وكان يتلقى فيها راتبا شهريا مقداره 100 ريال ثم مضى فيها حتى أكمل مرحلة الكفاءة المتوسطة ثم التحق بالكلية الحربية وتخرج منها عام 1382 ثم عمل في بداياته في «سلاح المدرعات» بالطائف حوالي عام ثم نقل إلى الخرج ومضى يكمل دراسته المسائية بالمرحلة الثانوية في الرياض وبعد تخرجه اتيحت له فرصة الابتعاث ولكنه تفاجأ بمهمة عسكرية في اليمن في «لجنة السلام» حينها ومضى فيها ما يقارب 11 شهراً وبعد رجوعه اتيحت له مقابلة الأمير سلطان رحمه الله والذي وجه بابتعاثه إلى دولة «النمسا» لدراسة الطب وفور وصوله إلى فيينا تم تحويله لدراسة اللغة في معهد «جوته» في المانيا وعاش الشاب المبتعث تجربة منوعة من الاغتراب الممزوج بالتعلم والتأقلم على أجواء متقلبة ودراسة دقيقة، وكان خلال اغترابه يعمل في قاعدة عسكرية كمترجم حتى يواجه «متطلبات» الحياة وليصقل موهبته في الترجمة إلى الألمانية وأكمل دراسته واتمها بدراسة تكميلية لنيل الدكتوراة وحصل على الشهادة عام 1396 . تعين في بدايات عمله في مدينة تبوك ثم ابتعث مرة أخرى إلى ألمانيا في تخصص الكلى والمسالك البولية، وكان أول من ادخل جهاز تفتيت الحصى إلى مستشفيات المملكة مع الدكتور محمد ال ملحة وعمل في المستشفى العسكري بالرياض كطبيب لسنوات، ثم تمت ترقيته إلى منصب «رئيس الأطباء» بالمستشفى ثم تم تعيينه مديرا للمستشفى وأمضى في منصبه ما يقارب 12 عاماً وشهرين ثم صدر القرار بتعيينه مديرا ً للخدمات الطبية في القوات المسلحة، واستمر فيه لمدة 14 عاماً ثم أحيل للتقاعد وعين مستشاراً في مكتب وزير الدفاع. دخل العتيبي معترك الحياة من بوابات «التمكن» ورتب مواعيد «التفوق» على أسوار الطموح حيث عمل لفترة في أرامكو وارتبط بأعمال منوعة ظل فيها يلاحق بعد نظره في أهمية «التطوير» وعدم الاعتماد على «الدراسة» والاستناد إلى «المهمة الواحدة» وعرف عنه حبه للعمل وعشقه للأداء المرتبط بالأهداف إضافة إلى احساسه الوطني العميق وحسه المهني الدقيق والذي جعله يوائم ما بين عمله كطبيب مشهور ومنصبه كقيادي شهير. اقتبس من اسمه «الكثير» من الاتجاهات والأبعاد والرؤى فكان منفتحاُ على الاخرين شغوفاً بالمبادرات، محباً للإنتاج، عطوفاُ على موظفيه، مواظباً على عطائه، دقيقاً في مواعيده حريصاُ على إنتاجه. انتقل اللواء كتاب إلى رحمة الله يوم 8 أكتوبر للعام 2024 ونعته الأوساط الطبية والصحية والعسكرية التي طالما ملأ ميادينها ومنصاتها وقاعاتها بقرارات مفصلية وإنجازات نوعية، وتناقلت وسائل الإعلام النبأ مقروناً بمآثر الفقيد التي تركها ناطقة في مجال الإنجاز وسامقة في أفق الاعتزاز.. اللواء طبيب كتاب العتيبي.. الوجه العسكري البارز والقيادي الطبي المؤثر الذي امتلأت سيرته بصفحات «الفخر» وسطعت سيرته بسطور «الشرف».