قبل أن أتجه إلى فحوى المقال، هنا أتذكر موقفاً حدث بيني وبين أ. د. إسلام بيومي، وهذا الرجل المحترم أحد أعمدة مؤسسة التراث، سألته ذات يوم كم تبلغ قيمة كل الإصدارات لأقتنيها، وأنا من سؤالي هذا أُعبِّر عن مدى محبتي واعجابي لكل ما تقدمه التراث للمكتبة العربية والعالمية، واعتبر نفسي لو حصلت عليها كمن وجد كنزاً لا يقدر بثمن. بالمناسبة مؤسسة التراث تقترب من العقد الثالث من عمرها، وتتجه نحو المستقبل بخطوات واثقة، أو كما جاء في عنوان اللقاء السنوي للمؤسسة «خطوات واثقة نحو المستقبل» من خلال الإصدارات التي سترى النور وتغيير موقع المؤسسة وتعاملها مع التقنية، لأن من وجهة نظري المستقبل للتقنية، من يملك التقنية سيمتلك المستقبل. كذلك سعدت بأن ثمة إصدارات ستتحول إلى صوتية ومترجمة بمعنى جاري تطويرها وخروجها بأكثر من قالب حتى تصل لأكبر قدر ممكن وتكون خدمة لتلبية شرائح مختلفة من القراء، لأن هناك من يقرأ بعينه وهناك من يقرأ بأُذنه، ومن الكتب التي تم تدشينها بشكل صوتي، بصوت الأمير سلطان بن سلمان مع د. علي الغبان و د. أحمد العرف، متوافر في منصة سماوي وليس كتاب «من الاندثار إلى الازدهار» وحده بل كتب أخرى أيضًا. التدشين الأول لكتاب مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز كان في اثراء، ذلك المركز الثقافي العالمي في المنطقة الشرقية، وتم بالتعاون مع شركة عملاقة وعالمية ألا وهي أرامكو السعودية، والتدشين الثاني كان في مدينة الرياض. هناك كتب ستتحول إلى أفلام وثائقية، وقد شاهدت فيلم عكاظ البدر فور نشره.. ولامس مشاعري وكان مُعبراً وصادقاً عن رجل كتب في الوطن الكثير من حبر فؤاده، وهو ليس بشاعر فقط.. بل أكثر من ذلك. في اللقاء السنوي الأخير لمؤسسة التراث في معرض الكتاب البديع، كان الحضور غفيراً ومن مختلف شرائح المجتمع، من أمراء وأميرات ومن أهل الدبلوماسية والمال والأعمال والثقافة، إلى الطلاب. بدأت مؤسسة التراث في وقت لا ينظر للتراث على أنه شيء ذو قيمة، وكانت المعاناة تواجه العاملين في المؤسسة وهم يشقون طريقهم نحو تحقيق الأهداف، واليوم أصبح التراث هو الاقتصاد القادم لبلدنا المملكة العربية السعودية، انظروا إلى العلا وإلى الدرعية وغيرها، بلدنا غنيّ بالمواقع التاريخية والأثرية التي من الممكن أن تكون عصباً جديداً للاقتصاد الوطني، ونحن ليس لدينا فقط النفط بل ما هو أكثر من ذلك، لدينا التراث.