زار معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور عبداللطيف أل الشيخ منطقة الباحة وأبرزت وسائل الإعلام الحفاوة والتقدير المتبادل بينه وأعيان ووجهاء ومسؤولي المنطقة. هذا أمر ليس مستغربا، معاليه ضيف يستحق التقدير، وأهل المنطقة كرام يقومون بالواجب. وربما في مجالس الكرم لا يذكر الناس ملاحظاتهم بصوت عال، لذا سأتطرق إلى موضوع ذي علاقة بمساجد المنطقة مستهلاً إياه بقصة أحد شبابها. منذ سنوات عديدة، يؤم المصلين في جامع هذه القرية (أي يخطب فيهم يوم الجمعة وفي الأعياد وغيرها) شاب من طلاب جامعة الباحة، يقوم بذلك تطوعاً على مدى سنوات، ابتغاءً للأجر من ناحية وتقديراً لكبار القرية الذين يطلبون منه ذلك، من ناحية أخرى. هو لا يطالب بوظيفة رسمية، لكن مشاغله وقرب تخرجه وانتقاله إلى مدينة أخرى وتساؤلات موظفي فرع الأوقاف بالمنطقة تجعله في حرج مع أهالي القرية وينتظر توظيف إمام رسمي للمسجد. يصف حاله مبتسماً؛ الله يسترها علي، أنا في ورطة؛ إن تأخرت (شره) علي أهلي كبار قريتي وعاتبوني وإن حضرت أصبحت مخالفاً أمام مراقب الشؤون الإسلامية الحريص على اداء عمله كما يجب! الإشكالية ليست في تقاعس فرع الشؤون الإسلامية بالمحافظة في تعيين موظف بالمسجد وليست في تمسك ذلك الشاب بدور الإمام ولكنها في بعض شروط التوظيف التي تضع العقدة في المنشار، كما يقال. حيث تشترط مؤهلات محددة للإمامة وتعممها في كافة المناطق، متناسية أن تلك الشروط صعب تحققها في المناطق الصغيرة والنائية، فمن أين يأتي أهل القرية بخريج كلية شريعة، مثلاً، ليكون إماماً لهم؟ قد يجدون متقدماً من منطقة أو مدينة أخرى، لكن من هو الذي سيقبل إمامة مسجد يبعد عن بيتهم عدة كيلومترات، إن تأخر حاسبه أهل القرية قبل موظف الحكومة! بالذات في منطقة ذات طبيعة مناخيه وتضاريس طرق تجعل الأمر أكثر صعوبة في التنقل والوفاء بمهام الوظيفة كما يجب. يبدو لي الأمر ليس في قرية أو منطقة واحدة وإنما في العديد من المناطق الصغيرة ولعل لدى وزارة الشؤون الإسلامية إحصائية وعلم بذلك، تقدر وزارة الشؤون الإسلامية على رغبتها في تجويد العمل واختيار الأكفأ لهذه الوظائف، عبر وضع أفضل المعايير. رغم ذلك نطمح من معالي الوزير التوجيه بإعادة النظر في شروط وظائف المساجد في القرى والمناطق الصغيرة. لا نطالب بتوظيف غير المؤهلين، لكن لنسهل الشروط قليلاً ونتيح الوظائف للموظف وللمتقاعد وللطالب في تلك المناطق. إن لم يكن وظائف دائمة أو كان ذلك يتعارض مع نظام التوظيف، فلتكن مؤقتة وفق مكافآت تصرف لهم نظير اجتهادهم. ورغم أنني لست مخولاً بالحديث عن أحد، إلا أن البعض قد لا تهمه حتى المكافأة بقدر ما يهمه الالتزام بالأنظمة والحصول على التصريح اللازم للقيام بمهمة وظيفة المسجد، سواء الإمام أو المؤذن أو الخادم. ملحوظة أخرى، أرجو أن يكون في قاموس وزارة الشؤون الإسلامية تقدير موظفي المساجد الذين انتهت مهمتهم أو كانوا متطوعين لفترات طويلة، بتسهيل تسجيل عملهم كساعات تطوعية، بالذات الطلاب والشباب الذين هم بحاجة إلى مثل ذلك. هذا الأمر سيخدم المتطوع ويرصد مساهمات مساجدنا في برنامج التطوع الوطني.. نكرر ونؤكد دائماً؛ دولتنا لم تبخل في بناء المساجد ولن تبخل في دعمها والنظر فيما يعمرها ويحفظ هيبتها وقيمتها. كما نكرر التقدير لمعالي وزير الشؤون الإسلامية وثقتنا بإدراك الفروقات بين القرى والمدن، بين المناطق الصغيرة والكبرى، وبالتالي مراعاة واقع الحال وصعوبة تعميم جميع الشروط التي تم وضعها بدقة على الجميع. والله الموفق.