هويتنا الوطنية، هي بصمتنا الخارجية وملامحنا المحلية هي اعتزازنا وفخرنا هي أصالتنا وإرثنا وموروثنا، ماضينا الذي نستمد منه تاريخنا ومستقبلنا الذي نغرس فيه إنجازنا وحاضرنا الذي نبرهن فيه للعالم نهضتنا وتطورنا. قبل فترة وجيزة صدر قرار يقضي بإلزام منسوبي الجهات الحكومية السعوديين المدنيين بارتداء الزي الوطني: «الثوب والغترة أو الشماغ» منذ دخولهم لمقرات عملهم حتى خروجهم. وقبل أيام قليلة تزامنًا مع انطلاق العام الدراسي الجديد، جددت الجامعات السعودية تأكيداتها على ضرورة الالتزام بضوابط الزي الرسمي السعودي للطلاب والطالبات بتفاصيله المنشورة. ما أجمل هذه القرارات وما أروع الالتزام بها حبا واستشعارا واعتزازا فهويتنا الوطنية قيمة تاريخية ودينية واجتماعية ووطنية ولغوية، وكم أتمنى أن يكتمل هذا الالتزام بالهويةزيا ولغة. لغتنا العربية لغة القرآن في مهبط الوحي على أرض مكة المكرمة، يرددها مليارات المسلمين في صلاة يوجهون قبلتهم فيها كل يوم نحو أرضنا ووطننا. في كل مرة أتناول فيها موضوع الالتزام بلغتنا العربية استرجع حديث مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل -حفظه الله- في إحدى المناسبات عندما قال: (… من قال إن استخدام المفردات الإنجليزية أثناء الحديث تجعلكَ متقدما أو متطورا، بالعكس هذه تجعلك ناقص ثقافة وناقص وطنية، وناقص غيرة..). نعم من قال إن الثقافة في جعل نصف المفردات باللغة الإنجليزية إن لم يكن معظمها، مع الأهل مع الزملاء مع الأصدقاء في العمل وفي الشارع وفي البيت. إن الثقافة والمعرفة والعلم ليست مفردات أجنبية تُضمّن الكلام وإنما فكر وعلم وبحث توظف فيه اللغة كأداة من ضمن أدوات التواصل. والمؤلم والمؤسف أن تستخدم بعض الخطابات في بعض المحافل وعلى أرض وطننا بلغة غير لغتنا. أؤمن بأهمية تعلم وإجادة اللغات الأخرى؛ ولكني أرى ضرورة الالتزام بلغتنا العربية تحدثا وكتابة وتعاملا في كل مكان وزمان وفي كل الجهات خاصة في بعض القطاعات التي تبعث (بإيميلاتها) ومراسلاتها باللغة الإنجليزية مع أنها جهة وطنية والمستقبِل والمرسِل أغلبهم سعوديون وربما كلهم. لغتنا غنية بلهجاتنا الجميلة التي تمثل وطنا أشبه بقارة لا مثيل لها، وطن ثري بتنوع لهجاته القصيمية الآسرة والشمالية الساحرة والشرقية المتناغمة والجنوبية النادرة والحجازية الفارقة، فما أجمل لغتنا بلهجاتنا المتنوعة والمتعددة على ألسنة أبنائها من كل مناطقها وبقلوب مواطنيها المتوحدة على حب أرضها وولائها لحكامها. لنستشعر لغتنا ونعتز بها هوية وطنية ننقلها للعالم مفردة ومضمونا، نفتخر بها وبأصالتها خطابا وحديثا وقراءة وكتابة كغيرنا من الدول المتقدمة والمتمسكة بلغتها في معظم تعاملاتها.