وأشار البكري في كتابه (معجم ما استعجم) إلى طريق تربط المدينة بمصر اعتبرها الجادة، أي الطريق الرئيسة، وذكر منازلها بعد المدينة، ذي خشب، السويداء، المروة، سقيا يزيد، بدا يعقوب، ضبا، النبك، الصلا، عينونة، مدين، شرف البعل، وادي الغراب، حقل، أيلة، بطن نجد، قبر أبي حميد، القلزم، جب عميرة، مصر. وذكر ابن منظور في لسان العرب أن بدا موضع بالشام قرب وادي القرى كان به منزل علي بن عبد الله بن العباس وأولاده، والصحيح أن منزله كان بالحميمة وهي بلدة تقع في جنوب الأردن على بعد 40 كم إلى الجنوب من البتراء وعلى بعد 55 كم شمال شرق ميناء العقبة. ويقول الحموي عن ابن السكيت الذي عاش في القرن الثالث الهجري يصف فيه بدا بأنها قرية بها منبر، والمنبر يقصد به المكان الذي تقام فيه الجمعة التي من شروط إقامتها وجود مجتمع مقيم ذي عدد كاف. كما ذكر الجزيري حيث يقول: «والطريق من مدينة النبي -صلى الله عليه وسلم - إلى مصر على الجادة من المدينة إلى ذي خشب، إلى السُّويدَاء، إلى البزوة، إلى سُقيا يزيد، إلى بدا يعقوب». وفي منتصف القرن الخامس الهجري توقفت قوافل الحجاج المصريين ومن رافقهم عن سلوك طريق الحج المصري الساحلي حيث تحول الحجاج إلى استخدام طريق عيذاب، ومن ثم ركوب البحر من عيذاب إلى جدة، وذلك بسبب القحط الذي أصاب مصر في نهاية العصر الفاطمي، وبسبب استيلاء الصليبيين فيما بعد على عقبة أيلة وهي مفتاح الطريق البري ومعبره إلى الجزيرة العربية. وقد امتدت فترة عدم استخدام هذا الطريق قرنين من الزمان، كما إشار إليها المقريزي حيث قال: «اعلم أن حجاج مصر والمغرب أقاموا زيادة على مائتي سنة لا يتوجهون إلى مكة شرفها الله تعالى إلا من صحراء عيذاب». وكان لهذا التوقف آثار سيئة على اقتصاد المدن التي يمر بها هذا الطريق، ومنها بدا، وقد وصلت إلى الخراب في القرن السادس مثل المدن الأخرى التي وقعت في نفس الطريق حتى وصل أمرها في القرن الثامن أن بعض المؤرخين لم يعرف مكانها مثل القلقشندي (ت821هـ) الذي قال عنها: «بدا يعقوب وشعيب ولم أعلم حقيقة مكانهما». وفي نهاية العصر العثماني عادت قوافل الحجاج إلى استخدام الطريق التي تمر على بدا بشكل متقطع وممن سار من المدينة إلى الوجه مروراً ببدا ابن عبد السلام الدرعي في سنة 1198هـ، واللواء إبراهيم رفعت باشا سنة 1319هـ، كما سار البتنوني من الوجه إلى المدينة مروراً ببدا في سنة 1327هـ برفقة الخديو عباس باشا حلمي ملك مصر. المواقع الأثرية في بدا: - العرف، موقعه في الجهة الشمالية من بلدة بدا، وقد عثرت به مجموعة من التكوينات الحجرية المستديرة، ربما هي ركامات لمقابر قديمة تعود إلى العصور الحجرية أو كانت تستخدم للصيد. - توجد في بدا مجموعة من التلال الأثرية على الضفة الغربية لوادي بدا قبيل نقطة التقائه بوادي كلخة،وتظهر على سطح هذه التلال بقايا جدران مبنية باللبن وبعضها الآخر مبنية بالحجر. - ومن آثار قرية بدا أيضاً مصادر مياه العين في الجانب الشرقي للواحة في منطقة تتجمع فيها المياه القادمة من وادي النجد، وقد جفت العين حالياً وقد كان لها منبعان، أحدهما يقع في سفح جبل ترشد، والآخر يقع بالقرب من جبل أزينم الأعلى، وبعض آثارها لا تزال باقية. - ومن آثار قرية بدا أيضاً بركة وهي تعرف لدى السكان المحليين باسم بركة الحاج، حيث تقع في الطرف الجنوبي الغربي للموقع الأثري على بعد 300م تقريباً من سفح جبل الشهيبة الشمالية، وتوجد في الوقت الحاضر بداخل مقبرة مسورة نشأت حولها في فترة متأخرة، وهي قريبة من الشكل المربع، والبركة مدفونة بالرمل في الوقت الحالي وتنمو بداخلها أشجار التنضب وأشجار الأثل، وأنواع أخرى من الشجيرات الصحراوية. - ومن آثار قرية بدا أيضاً مجموعة من الفخار والخزف الإسلامي المكسور، وهي تعطينا دلالة أثرية أولية على وجود استيطان مبكر بموقع بدا خلال القرنين الأول والثاني الهجريين، فهذه الكسر تحمل الصفات والخصائص العامة التي يتميز بها الفخار الأموي من حيث نوع العجينة والشكل واللون والملمس الخارجي. كما عثرت في بدا الكسر الفخارية يعود زمنها في الفترة العباسية والعصر الفاطمي. وبقرب هذه الآثار توجد مجموعة كبيرة من الكتابات الكوفية المبكرة، منقوشة على صخور الجبل المطل على الموقع، والذي يسمى شهيبة بدا الشمالية. كما وجدت في الجانب الشرقي آثار للعين. الآثار الإسلامية ببلدة بدا، للدكتورة حياة عبد الله حسين الكلابي، (ص52، 53). كما عثرت مجموعة من النقوش الكوفية في بدا على صخور جبل الشهيبة الشمالية الذي يجاور الموقع الأثري من الجهة الشمالية الغربية،وقد بلغ عدد النقوش مائتين وأحد عشر نقشاً كوفياً نفذت على مائة وثماني صخرات منتشرة في جهات الجبل الأربعة، وهي عبارة عن جمل دعائية وعبارات دينية ذات صيغ مختلفة مقرونة بأسماء أعلام مفردة وثنائية وثلاثية ورباعية وخماسية. وقد لبست بدا ثوب الحضارة من التطوّر والنهضة والرقي كغيرها من مدن وقرى منطقة تبوك في عهدنا الزاهر، حيث متوفر بها حالياً معظم الخدمات التعليمية والصحية والإدارات الحكومية مثل: الإمارة، والشرطة والبريد والهاتف، فتزداد قيمتها حيث أنها بلدة تاريخية أثرية سياحية، يربط حاضرها بماضيها العريق. (كما تحيط بها من جهاتها الثلاث (الشمالية والشرقية والغربية) بساتين النخيل التي تغطي جزءاً كبيراً من الأراضي الصالحة للزراعة حول البلدة، مما جعل بلدة بدا يداً واحدة من أهم الواحات الزراعية في محافظة الوجه.