على مدى يومين متتالين سعدتُ بزيارة (مهرجان حبوب بلادي واللوز)، المُقام في محافظة المندق بمنطقة الباحة، بإشراف الجمعية التعاونية الزراعية. ولقد خرجت – ككثير من الزوّار – مبتهجًا للغاية، فما أجمل أن يرى أحدنا هذا الشغف بالزراعة، تلك الحرفة العالمية، وما أروع أن نلمس تشجيع الدولة لـ “توطين حرفة الزراعة”، وتأهيل القدرات الوطنية لسوق العمل، في مجال الإنتاج والتسويق الزراعي، إنها مهنة الأجداد التي كادت تندثر، ثم هي الآن – بحمد الله – وبدعم الدولة – أعزها الله – تعود على أيدي شباب شغوف متمكن، طموحه لا حدود له على سبيل تعزيز هذا الإرث الجميل، كيما يكون رافدًا اقتصاديًّا مهمًا. والحقيقة، أن صيف المندق – هذا العام – متوهج بالعديد من المهرجانات والفعاليات والأنشطة، سواء في حديقة الفراشة، أو قرية الأطلال التراثية، أو مزرعة البروقي السياحية، أو مزرعة وأكواخ الحازم وغيرها، وسط أجواء ممتعة يقضيها أهالي وزوّار المحافظة. وأعود للمهرجان/الكرنفال الذي تجولت فيه، وأقول: إن مما زاد من ألقه أنه جاء تزامنًا مع موسم الصيف، كإضافة مميزة للجذب السياحي، ودعم صغار المزارعين والحرفيين، وتحقيق عوائد اقـتصادية متنوعة؛ خاصة وأن هذه المحافظة تشهد تقدمًا ملموسًا في التنمية الزراعية، بتنوع منتجاتها، من البن والزيتون والفواكه؛ وخاصة البر الحنطة والشعير واللوز؛ لأن موسمها يُعتبر الأهم والأكثر إنتاجًا. وذلك لما منح الله هذه المحافظة من مقومات طبيعية من حيث المناخ ووفرة المياه الجوفية والموسمية والتربة الصالحة للزراعة. هذه العوامل جعلت المندق في مقدمة محافظات المنطقة. ودعوني أحدثكم بتفصيل أكثر عن زيارتي للمعرض؛ حيث لمست أن من أهدافه التعريف بالمنتجات الزراعية للمحافظة، والتركيز على تحسين جودة البذور الزراعية، وتفعل الإرشاد الزراعي، وزيادة الإنتاج الزراعي والحيواني والارتقاء بجودة المنتج، وقد تجولت في أنحاء المعرض الذي كان يعج بالزوار. بدأت جولتي بزيارة ركن مدير الجمعية، أ. حسن بن قواش، حيث إن من أبرز المنتجات المعروضة به حبوب البُن، الذي يتميز بجودته وكثرة إنتاجه (بُن قواش)، وهو من مزرعته العضوية بوادي تربة زهران، والتي تضم ٣٠٠ شجرة بُن، وأول إنتاجها كان “طنًا” من القهوة السعودية؛ إضافة إلى الزيتون واللوز البجلي والرمان وغيرها من الفواكه. بعد ذلك زرتُ ركن العم صالح بن مشني، صاحب مزرعة الحراء في دوس؛ حيث أجود أنواع الشتلات من الرمان واللوز والعنب والتين وغيرها. ثم مررتُ بركن الأستاذ حسن الشنتير لزراعة التوت الأسود (البلاك بيري)، وبالرغم من حداثة هذا المنتج في المنطقة، إلا أنه أثبت نجاحه بجودته وغزارة إنتاجه وتوفره في الأسواق، ومن خلال المعرض قامت جمعية الباحة الخضراء برئاسة الأستاذ سعود خضران بتوزيع ١٥٠٠ شتلة من الرمان والخوخ والعنب. ختامًا أقول: شكرًا بحجم السماء لكل القائمين والمشاركين في تنظيم هذا الكرنفال الزراعي، الذي يستحق الزيارة والفخر معًا.