ظلت محافظة حفر الباطن لسنوات متوارية قليلا - ولا نقول غائبة - عما تشهده المملكة من طفرة تنموية هائلة على كافة الأصعدة، ولسنا بصدد مناقشة ذلك الحراك الخجول في الماضي الذي قد يكون له «بعض» الأسباب المقبولة، فهوية المنطقة المتأرجحة بين ملامحها الشمالية وبين صلتها الإدارية بالمنطقة الشرقية كان مربكا بعض الشيء، على الأقل في استقطاب أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين، نقول «تفاؤلا» إن ذلك من الماضي، ومصدر هذا التفاؤل هو الهمة العالية التي يقودها الطموح صاحب السمو الأمير عبدالرحمن بن عبدالله بن فيصل محافظ حفر الباطن، فسموه لم يحتاج لقاعدة «المئة يوم الأولى» للمسؤول كما جرت العادة، بل بدأ منذ اليوم الأول منهمكا في متابعة التطوير، وواقفا على الأعمال الميدانية -والوقوف هنا حقيقة وليس مجازا- وهذا ما انعكس على بقية القياديين ومدراء العموم في المحافظة. المحافظة تمتلك الكثير من المقومات التي تؤهلها لأن تكون في مصاف المدن الكبرى؛ فبالإضافة لموقعها كنقطة مرور دولية تربط بين دول الخليج وبين الشام والعراق، تتمتع أيضا بموسم ربيعي جاذب للسياحة الموسمية، حتى أصبح لقب «عاصمة الربيع» مرتبطا بها تباهي به حسن مثيلاتها من مدن وطننا العظيم، إضافة إلى كثافتها السكانية التي تضاهي به المدن الكبيرة، ولست هنا لتعداد مزياها، وإن كانت شهادتي بها مجروحة، وهو جرح المحب بلا شك، وإن كنا -معشر الكـتاب- متهمون بأننا كائنات نقتات على النقد، وأعيننا عن كل «حسن» كليلة، إلا أن الإنصاف لمن يستحق الشكر هو فضيلة إنسانية قبل أن يكون واجب مهني؛ فالإعلام هو شريك المسؤول لتحقيق المشاريع التنموية التي تنطلق من توجهات مستهدفات رؤية سمو سيدي ولي العهد 2030 الذي نباهي به أمم الأرض قاطبة. وبما أن محافظة حفر الباطن جزء من هذا الوطن المبهج بكل تفاصيله، فإنها أصبحت على الجانب التنموي مدينة لا تنام، ففي كل جزء من المحافظة ورش عمل ميدانية تسابق الزمن لتحقيق ما يصبو إليه طموح المواطن، وإن كان ذلك أقل من طموح المواطن الذي لا يهتم كثيرا إلا بالنتائج، وذلك أمر أتفهمه تماما، لكن هذا الأمر -أعني ما يتعلق بأعمال أمانة محافظة حفر الباطن - قد يغيب عن بال الكثير ماهية هذه الأعمال التي أستطيع أن أقول عنها -بقناعة تامة - أنها أعمال عظيمة، وهنا سأتوقف لأجيب على أهم سؤال - متحمل - يطرحه المواطن: كيف تكون أعمالا عظيمة ونحن لا نشاهد عملا يوازي الحلم والطموح على أرض الواقع؟ هنا سأضرب مثالا لتبسيط الفكرة؛ فالأمر أشبه ببناء ناطحة سحاب، فقد يستغرق العمل في القواعد والأساسات وقتا أطول بكثير من وقت البناء في الجزء الذي تراه الناس ماثلا أمامها على الطبيعة، وهذا في الحقيقة ما يحدث في مشاريع البنية التحتية في المحافظة التي شاء القدر أن تكون في ملتقى أودية يتزعمها وادي الباطن الكبير، وبذلك وجد أمين المحافظة المهندس خلف حمدان وفريقه أنفسهم في تحد كبير، أو «أشبه بمن يحارب وحيدا في أرض المعركة»، وما أقصده هنا تحديدا هو عدم معرفة أو بشكل أدق عدم رؤية المواطن كحقيقة ماثلة أمامه للأعمال والمشاريع التحتية التي يمكن أن نقول عنها «أعمال تحت الأرض»، وهنا قد يأتي تساؤل يبدو في ظاهره منطقيا وهو: لماذا نتوقف عن العمل في المشاريع الأخرى في نفس الوقت الذي نعمل فيه بأعمال البنية التحتية، وهذا يعدينا لمثال ناطحة السحاب السابق، حيث إن العملية مرتبطة ببعضها، فلا يمكن أن تبني مشروعا من الأعلى، فلا بد أن تنجز القواعد -كبنية تحتية- لتعمل بعد ذلك على الجزء الذي يكون ظاهرا ومطلوبا من المواطن. وفي ظل تواجد الطموح العظيم لسمو المحافظ، والحلم الكبير الذي يقف على تفاصيله سعادة الأمين لا يمكن إلا أن نسرف في التفاؤل كمواطنين، ولا نحسب أنفسنا إلا جزء من إنجاز قادم بإذن الله. Fheedal3deem@