في طريقي إلى بلدتي العريقة عودة سدير لفت نظري تصحر الأراضي على جنبات الطريق بشكل ملفت، فلا تكاد ترى إلا القليل من أشجار الطلح المتناثرة، وآلمني كثيراً أن لا أرى الأشجار فيها مثلما هي في بلدان الجوار أو ما بعد الجوار، ولم أكن ملماً بعناصر الانتهاكات البيئية حينها والآثار السلبية للتصحر، وهاجسي هو الأثر الإيجابي للإخضرار والغطاء النباتي. وبعد عدة جلسات ومناقشات مع بعض المهتمين اقترحت على مجموعة من أبناء منطقة سدير أصحاب الاهتمام الواحد أن نرتب للقاء أو نعقد اجتماعاً لدراسة ما يمكن عمله تجاه البيئة وتنمية الغطاء النباتي وكان ذلك قبل الضم الموفق لشؤون البيئة إلى وزارة الزراعة والمياه. ومن أول لقاء كانت المفاجأة السارة، ووجدنا أن هناك أعمالاً فرديةً متناثرةً يقوم بها رجال تهوى التشجير وتتألم على ما وصل إليه الحال بيئياً ومنهم: محمد المنيع في عودة سدير الذي يجمع أنواع النبات البري في حديقة منزله ويغرس أثناء رحلاته البرية ويتعاهدها بالرعاية والعناية. وعلي القديري في بلدة العطار الذي ركز على الجانب الإعلامي والتواصل المكاني ومخاطبة الجهات الرسمية عبر الصحف للعناية بالبيئة ومقاومة التصحر في المنطقة. وخالد الليفان في حوطة سدير يجمع البذور ويحاول استنباتها في عدد من الأماكن ويجري التجارب عليها ويرعاها ويتعاهدها بالسقيا. وأحمد السلامة في جنوبية سدير يحث الشباب على غرس السدر ويساعدهم في تأمين الأشجار والاستثمار في مناحل النحل وحجم الفائدة منها وفائدة السدر لها. وناصر العمر في بلدة التويم يبذل جهداً في إكثار وتكاثر النباتات في مشتل البلدية ونثر البذور في الأماكن المناسبة لها والفترات المفضلة للاستزراع. وعمرو الماضي وعبدالرحمن الشبانات في روضة سدير ولهم اهتمام خاص بالشجر وأنواعه وحب الاكتشاف للوصول للأفضل لبيئة المنطقة. وعلي المزروع وعبدالسلام السلمان في جلاجل محاولات غرس ومكافحة للرعي والاحتطاب والنجاحات التي حققوها على المستوى الشخصي بمساعدة البلدية. والكثير الكثير من أبناء المنطقة ورجالات المحافظة الذين تم التعرف عليهم ممن لديهم الشعور والحماس البيئي فلم يكن من بد أن تتضافر الجهود لتكوين جمعية أهلية تطوعية (جمعية سدير الخضراء) فبدأ التحضير لذلك عبر مراكز التنمية التي لم يكن لديها تجربة سابقة لمثل هذا النوع من النشاطات. ولشمول الفائدة تم تأسيس روابط خضراء في جميع بلدات منطقة سدير بمحافظة المجمعة بدعم من سمو المحافظ السابق الأمير عبدالرحمن بن عبدالله آل فيصل الفرحان الذي أيد المقترح بخطابات موجهة لرؤساء المراكز بالإضافة إلى اهتمامه الكبير بما يخص مدينة المجمعة قاعدة سدير ومتابعته للجهود المشكورة التي تبذلها البلدية ويتبناها رجالات المحافظة وتحقيقهم نتائج مميزة في هذا الهم الوطني المشترك. وبدأت المسيرة الخضراء بغرس الأشجار في المراكز وتفعيل الأنشطة للغرس بقيادة رئيس الرابطة ورئيس المركز ورئيس البلدية لكي يأخذ ذلك بُعداً اجتماعياً وتفاعلاً أسرياً نحمد نتائجه في عموم بلدان محافظة المجمعة ومراكزها ولكي تكون نواة لغيرها من المحافظات والمناطق. تلا ذلك تنفيذ العديد من المشاريع المجتمعية مثل: مشروع تشجير الطريق السريع (طريق الملك فهد) الذي حصلت الجمعية على موافقة وزارة النقل لتشجير الطريق السريع وتم تنفيذ 17 كيلو متراً بحضور مدير التعليم بمحافظة المجمعة، إلا أن وجود كابلات الفايبر حدت من اكمال المشروع وتمت الموافقة على تأجيله. مشروع المدرسة الخضراء حيث تم تنفيذ عرض مرئي للطلاب في داخل المدارس بقيادة الدكتور محمد النصار، وغرس الأشجار بمشاركة الطلاب وبدعم مادي من المهندس محمد بن عبدالله الشبانات وسيتم تعميم التجربة على مدارس المحافظة وتنفذ على أكثر من مرة كنشاط غير صفي وتنمية حس الشباب بأهمية الشجرة والإخضرار ومقومة التصحر وعدم الاحتطاب والمحافظة على البيئة وحمايتها والتعاون مع الجهات المعنية بذلك. مشروع الأسر المنتجة حيث تمنح جمعية سدير الخضراء للأسر المنتجة شتلات مع التربة والبذور مجاناً وبعد مدة من الرعاية لها من الأسرة تشتري الجمعية الشتلات الصغيرة بـ10 ريالات للشتلة الواحدة وفي ذلك تنمية للحس بأهميتها وكذلك مصدر كسب واستثمار للوقت. مشروع رعاية شجرة وتمنح من خلاله الجمعية مبلغ 500 ريال شهرياً لمن يرغب رعاية عدد من النباتات الصحراوية القريبة منه، وهذا يأتي من باب الثقة أن المجتمع شريك في النجاحات إذا تم توعيته وإظهار الحاجة له وأهمية مشاركته في عناصر التنمية ومنها تنمية الغطاء النباتي. مشروع المعرض التعريفي بالنباتات المحلية المناسبة لبيئتنا والنباتات الواردة إليها، وتقام هذه المعارض في حدائق تابعة للبلديات وتحتوي على الأشجار ولوحات تعريفية عليها ويتمكن أفراد المجتمع من التعرف على خصائصها جميع المعروضات. مشاريع حكومية، وقد تم غرس أكثر من 500 ألف شجرة وشجيرة في منطقة سدير بعقد من الوزارة وتم تنفيذها من خلال مقاولين من أبناء المنطقة مثل: شعيب المحالب بروضة سدير بمشاركة فهد عثمان الموسى، ومنطقة خزة الجنوبية بمشاركة إبراهيم عبدالعزيز البرغش وهناك الكثير من الانجازات التي تبناها ابناء المنطقة والدعم المادي من العديد من رجالات المحافظة وعلى سبيل المثال: الشيخ عبدالرحمن أبو حيمد، م. محمد الشبانات، الشيخ زيد الحسين وإخوانه، والأستاذ أحمد السلامة والأستاذ محمد السعيد، ود. سعد الماضي، بالإضافة إلى المساهمات بدعم الأشجار وتوفيرها للجهات المحتاجة مثل: 5000 شجره لجامعة المجمعة 5000 شجرة لبلدية حوطة سدير تشجير الدوائر الحكومية والشعاب ولا زالت جمعية سدير الخضراء مستمرة لزيادة الغطاء النباتي في المنطقة ورفع الوعي البيئي حتى تحقق رسالتها ورؤيتها وأهدافها. وفي الختام.. نقدم الشكر لجميع من ساهم ودعم البيئة ولجميع الجمعيات البيئية في مملكتنا الحبيبه خصوصاً بعد أن تبنت حكومتنا -أعزها الله- مشروع المملكة الخضراء لنكون في مقدمة الدول بيئياً للتقليل من الآثار السلبية للتصحر والمساهمة في زيادة الغطاء النباتي والإسهام في المحافظة على البيئة ومقاومة الاحتطاب والرعي الجائر سعياً لتحقيق مستهدفات هذه المبادرة، وبحمد الله تحقق الحلم وأصبحنا نرى الاهتمام البيئي من المجتمع والجهات الحكومية ورفع الاهتمام بالتطوع وربطة بالوظيفة. مؤسس ورئيس مجلس جمعية سدير الخضراء