في ثاني ليلة من ليالي شهر رمضان الفضيل، اصطحبني أحد الرفاق إلى حي الهميلة بخميس مشيط، ففوجئت بكم هائل من الدهشة الإبداعية التي منحت نفسي ألقا واسعا من المتعة البصرية، حفاوة في الاستقبال وكرم في الضيافة وإجادة في التنظيم وإبداع في تقديم عروض ذكريات رمضان، وعندما استفسرت عما وراء تلك الفعالية، كانت الإجابة هي مبادرة أجاويد 2، التي ترعاها إمارة منطقة عسير. بعد مضي عدة ليال رمضانية، تعددت مشاهد تلك المبادرة أمام ناظري في عدة أحياء متنوعة من المدينة، فالكاتب تستهويه مشاهد الإبداع، ويبحث عن مواطنها حيثما حلت، ومن هنا كانت فكرة الكتابة عن هذه المبادرة التطوعية الإبداعية التي تستحق الإشادة والتقدير، حراكا مجتمعيا تطوعيا في كافة المسارات: العطاء والقوة والوعي، يقوده صفوة من شباب المنطقة، يعشقون التفاني في العمل، ولديهم شغف في تقديم الابتكار والإبداع تجاه العمل الخيري وخدمة المجتمع. في البداية، كنت أتساءل مع نفسي عن سر تميز هذه النسخة عن سابقتها في العام الماضي، وعندما سنحت لي الفرصة أن أزور غرفة عمليات أجاويد 2 داخل مبنى محافظة خميس مشيط، أدركت السر في احترافية فرق العمل وعشقهم للعمل التطوعي، وبراعتهم في تقديم مهامهم، وقبل ذلك كله، وطنيتهم التي تتدفق عطاء ملموسا في إخلاصهم تجاه المبادرة، وسلوكهم الأخلاقي الرفيع الذي يسمو بين ثنايا أحاديثهم وتفاعلهم مع الضيوف والزوار. يقف سمو أمير المنطقة الأمير تركي بن طلال بن عبد العزيز على هرم المبادرة، فأجاويد 2 تأتي تماشيا مع الرؤية الوطنية 2030، وتطبيقا واقعا لاستراتيجية تطوير منطقة عسير، وقد نجحت المبادرة حتى الآن في استنهاض همم الشباب نحو خدمة المجتمع ودفع عجلة التنمية بكل احترافية، فكان اختيار شهر رمضان المبارك لتكون هذه الانطلاقة كونه يتمثل تلك الثلاثة مسارات: مسار البذل في المال والعبادة والتطوع والمساعدة، ومسار الوعي والإدراك من خلال تنمية العقل وتطوير الذات عبر دورات وبرامج توعية الشباب والمجتمع بالإضافة إلى الأمسيات الثقافية والصالونات الأدبية، وآخرها مسار القوة من خلال المنافسات الرياضية المتنوعة، سواء الجماعية أو الفردية. أهم ما يلفت نظر المتابع نحو نشاطات أجاويد 2 أنها تنسجم مع استراتيجية تطوير منطقة عسير من خلال محور الإنسان، حيث إن الملاحظ لتلك الفعاليات المكثفة في جميع مدن ومراكز وأحياء المنطقة أنها تعزز دور المجتمع المترابط بقيمه الثرية والإنسانية، بالإضافة إلى المشاركة الفاعلة في تحقيق تنمية الإنسان والمكان، والتي هي إحدى ركائز رؤية 2030 الوطنية. خاتمة القول.. المبادرات الإبداعية في مجال التطوع تستحق الإشادة والتقدير، وأجاويد 2 قد أظهرت صورة حضارية مدهشة ورائعة لهذه المبادرات، ومن هنا كانت هذه الإشادة لجميع منسوبي المبادرة بلا استثناء، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان. albakry1814@