لا زالت معاناة مواطني منطقة نجران قائمة بخصوص صعوبة الحصول على فرصة للسفر جواً إلى بقية مناطق ومدن المملكة، نتيجة لقلة عدد الرحلات الداخلية للعديد من المدن، لا سيما جدة والرياض والدمام، مما يُسبِّب صعوبات كثيرة للمواطنين الذين يضطرون في كثير من الأحيان للسفر عبر مطار أبها، وهو ما يزيد معاناتهم، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار أن المسافة بين المدينتين تزيد على 600 كيلو متراً ذهاباً وإياباً. وفي ظل توجُّه المملكة نحو تقليل استخدام النفط؛ وتشجيع الممارسات الصديقة للبيئة، والحث على التحول نحو مصادر الطاقة النظيفة، فإن تقليل السفر باستخدام السيارات والاتجاه نحو المواصلات العامة يظل مطلباً أساسياً، إضافةً إلى ذلك، فإن أرواح الكثيرين أُزهقت في هذا الطريق، حيث يضطر المسافرون من نجران عن طريق مطار أبها إلى زيادة السرعة لضمان اللحاق بالطائرات، والوصول قبل وقت كاف من أوقات الإقلاع. هذه المعاناة التي صارت كابوساً لمواطني نجران؛ تتضاعف معدلاتها بصورةٍ لافتة خلال فترات الأعياد والإجازات السنوية التي تزداد فيها معدلات السفر بالطائرات، ورغم ذلك، إلا أن الحصول على مقعد في الطائرة يكاد يبقى حلماً بعيد المنال، مما يرفع العديد من الأسئلة حول السبب في استمرار هذه المشكلة رغم المناشدات العديدة التي وجَّهها مواطنو المنطقة للمسؤولين، ومطالبتهم بزيادة عدد الرحلات الداخلية، سواء لشركة الخطوط الجوية السعودية، أو للشركات الأخرى مثل ناس وأديل. ويكتسب مطار نجران أهمية خاصة، لأنه الوحيد الذي يخدم مواطني المنطقة التي تشهد تزايداً متواصلاً في عدد سكانها، لما تشهده من نهضة وتطور ملحوظ، فقد تجاوز عدد سكان محافظة نجران 700 ألف نسمة في كامل المحافظات، إضافة للموظفين الذين تعود أصولهم إلى خارج المنطقة، والذين يرغبون في زيارة ذويهم. ولترقية خدمات الطيران الجوي للمنطقة، قامت الدولة مشكورة بتطوير مطار نجران وتحديث خدماته، حيث أصبح مؤهلاً لاستقبال وانطلاق الرحلات الدولية، لا سيما إلى دبي والقاهرة، وبلغت القدرة الاستيعابية للمطار قرابة مليون ونصف المليون مسافر، كما تمت إضافة العديد من الخدمات إليه لزيادة تطويره، ولكن على الرغم من ذلك، ظلت مشكلة صعوبة الحصول على حجوزات باقية بسبب قلة عدد الرحلات الجوية من وإلى منطقة نجران، مما يحجب أي أثر لتلك الجهود الكبيرة، ويحرم المواطنين من الاستفادة منها. في أوائل مارس الماضي، استبشر مواطنو نجران خيراً بزيارة معالي وزير النقل والخدمات اللوجستية المهندس صالح بن ناصر الجاسر، ومعالي رئيس الهيئة العامة للطيران المدني عبدالعزيز بن عبدالله الدعيلج، حيث قدموا العديد من الطلبات لزيادة عدد الرحلات الجوية من وإلى كافة مدن ومناطق المملكة ووضع حد لهذه المعاناة. ولأن قلة العرض وارتفاع الطلب ينتج عنهما ازدياد طبيعي في السعر، فإن مشكلة مواطني نجران تتعاظم بسبب ارتفاع أسعار التذاكر التي حتى وإن وجدت إلا أن أسعارها تكون مرتفعة جدا، إذا ما تمت مقارنتها بالأسعار في بقية مناطق السعودية، لذلك فإن الحل النهائي لهذه المعاناة يكمن في زيادة عدد رحلات الخطوط السعودية من وإلى كافة مدن المملكة، إضافةً إلى تفعيل وجود شركتي ناس وأديل للمساهمة في إيجاد الحلول النهائية.ولأن جهود التنمية وتحقيق الطفرة الاقتصادية في كافة مناطق المملكة لا يمكن لها أن تتحقق أو تؤتي ثمارها ما لم تكن هناك سهولة في النقل والمواصلات، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار تزايد الجهود الرامية إلى استقطاب المستثمرين من داخل وخارج المملكة للاستفادة من الفرص الكبيرة؛ التي تمتاز بها نجران، لا سيما ما يتعلق بمجال المعادن، حيث يبذل صاحب السمو الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد، أمير منطقة نجران، جهوداً كبيرة في هذا الشأن، وهي جهود تحتاج إلى دعم وإسناد لوجستي.