زعمت حركة "طالبان" اليوم الجمعة 13 أغسطس (آب)، أنها استولت على قندهار، ثاني أكبر مدينة في أفغانستان، ما يترك العاصمة فقط وبعض الجيوب حولها تحت سيطرة قوات الحكومة الأفغانية. وأعلن متحدث باسم طالبان عبر حساب موثق على "تويتر" أنه "تم فتح قندهار بالكامل". مضيفاً أنهم وصلوا إلى "ساحة الشهداء في المدينة". وقد أيد أحد سكان المدينة هذه المزاعم بقوله لوكالة الصحافة الفرنسية إن القوات الحكومية يبدو أنها انسحبت جماعياً إلى منشأة عسكرية خارج المدينة. وفي سياق متصل، أفاد مصدر أمني أفغاني بأن حركة طالبان سيطرت الجمعة على لشكركاه عاصمة ولاية هلمند في جنوب البلاد، بعدما سمحت للجيش والمسؤولين السياسيين والإداريين بمغادرة المدينة. وقال مسؤول أمني بارز لوكالة الصحافة الفرنسية إنه "تم اخلاء لشكركاه وقرروا وقف اطلاق النار لمدة 48 ساعة لإجلاء" الجيش والمسؤولين المدنيين. وكانت حركة طالبان أعلنت في وقت سابق استيلاءها على المدينة. كذلك، أعلن زلماي كريمي الناطق باسم حاكم ولاية غور في وسط البلاد للوكالة أن مقاتلي الحركة سيطروا صباح الجمعة من دون أن يواجهوا مقاومة، على شغشران عاصمة هذه الولاية. ولم يبق تحت سلطة الحكومة سوى ثلاث مدن كبرى هي العاصمة كابول ومزار شريف أكبر مدينة في الشمال، وجلال أباد (شرق). وكانت "طالبان" سيطرت الخميس، على هرات، ثالث مدن أفغانستان (غرب)، ما يُعدّ محطة رئيسة في هجومها عقب السيطرة على مدينة غزنة الاستراتيجية التي جعلت عناصرها أقرب إلى كابول الواقعة على بعد 150 كليومتراً منها. وأفاد مسؤول أمني رفيع المستوى في المدينة لوكالة الصحافة الفرنسية أن الحركة "استولت على كل شيء"، موضحاً أن القوات الأفغانية شرعت في الانسحاب إلى قاعدة عسكرية في بلدة غزارة القريبة، وذلك بهدف "تجنب مزيد من الأضرار في المدينة". وعصر الخميس، سيطر مقاتلو "طالبان" على مقر الشرطة الرئيس، من دون مقاومة، ورفعوا رايتهم فوقه، وفق ما أفاد صحافي لوكالة الصحافة الفرنسية في المدينة. وكتب الناطق باسم "طالبان"، ذبيح الله مجاهد، على "تويتر" "فر العدو... سقطت عشرات الآليات العسكرية والأسلحة والذخيرة" في عناصر الحركة. وكانت هرات، الواقعة على بعد 150 كيلومتراً من الحدود الإيرانية وعاصمة المحافظة التي تحمل الاسم نفسه، محاصرة منذ عدة أسابيع فيما يدور قتال عنيف على أطرافها. وسيطر مسلحو الحركة في الأسابيع الأخيرة على ما تبقى من المحافظة تقريباً، بما في ذلك إسلام قلعة، المركز الحدودي مع إيران، وهو الأهم في أفغانستان. وبإضافة هرات إلى قائمة مدنها، يصبح في أيدي "طالبان" 11 عاصمة ولاية من ولايات البلاد. عزلة دولية وحذر الاتحاد الأوروبي حركة "طالبان" الخميس، أنها ستواجه عزلة دولية إذا استولت على السلطة من خلال العنف، وذلك في الوقت الذي يوسع المتمردون سيطرتهم في أفغانستان. وقال جوزيب بوريل، منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي في بيان "إذا تم الاستيلاء على السلطة بالقوة... فإن "طالبان" ستواجه عدم الاعتراف والعزلة ونقص الدعم الدولي واحتمال استمرار النزاع وعدم الاستقرار الذي طال أمده في أفغانستان". وأضاف "يعتزم الاتحاد الأوروبي مواصلة شراكته ودعمه للشعب الأفغاني. لكن الدعم سيكون مشروطاً بتسوية سلمية وشاملة، واحترام الحقوق الأساسية لجميع الأفغان، بمن فيهم النساء والشباب والأقليات". وشدد على أنه "من الضروري الحفاظ على المكاسب الكبيرة التي حققتها النساء والفتيات خلال العقدين الماضيين بما فيها الوصول إلى التعليم". ودعا البيان إلى "الوقف الفوري للعنف الدائر" وحض "طالبان" على استئناف محادثات السلام مع الحكومة في كابول. وأضاف "الاتحاد الأوروبي يدين الانتهاكات المتزايدة للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، خصوصاً في المناطق التي تسيطر عليها "طالبان" وفي المدن". وقال بوريل إن الكتلة التي تضم 27 بلداً شجعت أيضاً السلطات في كابول "على تسوية الخلافات السياسية وزيادة تمثيل جميع الاطراف والتعامل مع "طالبان" من منظور موحد". وجاء البيان بعد انسحاب القوات الأفغانية من مدينة هرات، ثالث كبرى مدن البلاد، في مواجهة هجوم "طالبان" الذي تمكنت من خلاله السيطرة على مساحات شاسعة من البلاد عقب انسحاب القوات الأجنبية. أميركا لا تزال تدعم أمن واستقرار أفغانستان قالت وزارة الخارجية الأميركية إن وزيري الدفاع والخارجية الأميركيين تحدثا مع الرئيس الأفغاني أشرف غني الخميس، وأبلغاه بأن الولايات المتحدة لا تزال تدعم الأمن والاستقرار في أفغانستان في مواجهة عنف حركة "طالبان". وأضافت في بيان أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن أبلغا غني أن واشنطن تخفض وجودها المدني في كابول في ضوء "تطور الوضع الأمني" وستزيد وتيرة رحلات الهجرة للأفغان الذين ساعدوا الجهود الأميركية في أفغانستان. وذكر البيان أن الوزيرين قالا أيضاً إن الولايات المتحدة ملتزمة بالحفاظ على علاقات دبلوماسية وأمنية قوية مع الحكومة الأفغانية. قوات أميركية وبريطانية تساعد في عمليات الإجلاء من نحية أخرى، نشرت الولايات المتحدة 3000 جندي في مطار كابول لتأمين إجلاء قسم من موظفي سفارتها في أفغانستان التي سيتقلص عديدها في ظل تقدم حركة "طالبان"، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية الخميس. كذلك، كشف الناطق باسم الوزارة نيد برايس أن واشنطن ستسرع في إجلاء المترجمين والمساعدين الأفغان الآخرين للجيش الأميركي في ضوء احتمال تعرضهم لخطر الانتقام إذا ما استولت "طالبان" على السلطة. وأضاف "نريد تقليص وجودنا المدني في كابول في ضوء تطور الوضع الأمني". وقال عن جو بايدن الذي أمر بانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان بعد قرابة 20 عاماً "هذا الرئيس يعطي الأولوية قبل كل شيء لسلامة وأمن الأميركيين الذين يخدمون في الخارج". وأشار برايس إلى أن السفارة ستبقى مفتوحة في موقعها الحالي و"ستواصل القيام بمهمات أساسية"، من دون أن ينفي التقارير التي تفيد بإمكان نقلها إلى مطار حامد كرزاي الدولي. وتابع أن الولايات المتحدة تنظم رحلات يومية لإجلاء مترجمين أفغان وغيرهم من الأشخاص الذين ساعدوا الجيش الأميركي ويخشون على حياتهم بسبب تقدم "طالبان". وخلال الأسبوعين الماضيين، نقلت الرحلات الأولى إلى الولايات المتحدة 1200 من أولئك الأشخاص وأفراد عائلاتهم الذين سيحصلون على تأشيرة هجرة خاصة. وأكد نيد برايس أن عددهم "سيزداد بسرعة". وكان البيت الأبيض كشف في يوليو (تموز) أن نحو 20 ألف أفغانياً خدموا إلى جانب القوات الأميركية، طلبوا نقلهم إلى الولايات المتحدة. وأوضح برايس "هذا ليس تدخلاً عسكرياً جديداً في النزاع في أفغانستان"، فيما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أيضاً أنها لن تستخدم مطار كابول لشن ضربات على "طالبان". من جانبها، أعلنت الحكومة البريطانية نشر نحو 600 جندي بشكل موقت في أفغانستان لمساعدة موظفي سفارتها في كابول على مغادرة هذه الدولة. وقال وزير الدفاع البريطاني بن والاس في بيان "لقد أعطيت الإذن بنشر جنود إضافيين لدعم الوجود الدبلوماسي في كابول ومساعدة الرعايا البريطانيين على المغادرة وتعزيز نقل أفغان خاطروا بحياتهم سابقاً خلال خدمتهم إلى جانبنا". وأضاف أن "أمن الرعايا والعسكريين البريطانيين والموظفين الأفغان السابقين هو على رأس أولوياتنا. يجب أن نبذل ما بوسعنا لضمان سلامتهم". وأوضحت وزارة الدفاع البريطانية أن العسكريين سينتشرون في أفغانستان لمدة "قصيرة المدى" بسبب "العنف المتزايد والبيئة الأمنية المتدهورة بسرعة". وأشارت إلى أنه تم تقليص عدد الموظفين العاملين في السفارة البريطانية في كابول، حيث يركز الفريق الصغير المتبقي على تقديم الخدمات القنصلية والتأشيرات لأولئك الذين يحتاجون إليها لمغادرة البلاد بسرعة. وكانت الخارجية البريطانية قد أوصت الجمعة جميع الرعايا البريطانيين بمغادرة أفغانستان "في أقرب وقت ممكن". وسيوفر الانتشار العسكري البريطاني "قوة حماية ودعماً لوجستياً" لنقل الرعايا البريطانيين المتبقين عند الاقتضاء، وفقاً لوزارة الدفاع. وستعمل القوة البريطانية أيضاً على تسريع برنامج إعادة توطين الأفغان الذين ساندوا الجنود البريطانيين في أفغانستان على مدى العقدين الماضيين. وقالت الوزارة "هذا سيساعدنا على ضمان أن المترجمين وموظفين أفغان آخرين خاطروا بحياتهم للعمل إلى جانب القوات البريطانية في أفغانستان يمكن نقلهم إلى بريطانيا في أسرع وقت ممكن". "سياسة متهورة" انتقد زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل الرئيس جو بايدن الخميس بسبب سياسته "المتهورة" تجاه أفغانستان. وقال ماكونيل في بيان "أفغانستان تتجه نحو كارثة هائلة ومتوقعة ويمكن تفاديها"، معتبراً أن "إدارة بايدن هبطت بالمسؤولين الأميركيين إلى درجة مناشدة المتطرفين (...) لتجنب سفارتنا بينما يستعدون للسيطرة على كابول". مجلس الأمن الدولي يناقش بياناً يندد بـ "طالبان" قال دبلوماسيون إن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يناقش مسودة بيان تندد بهجمات حركة "طالبان" على المدن والبلدات، وتهدد بفرض عقوبات بسبب انتهاكات وأعمال تهدد السلم والاستقرار في أفغانستان. ويتعين أن يوافق أعضاء المجلس الخمسة عشر جميعاً على البيان الرسمي، الذي أعدت مسودته إستونيا والنرويج، وفقاً لـ "رويترز". وتؤكد المسودة أيضاً "أن إمارة أفغانستان الإسلامية غير معترف بها في الأمم المتحدة وتعلن أنه (المجلس) لا ولن يدعم إقامة أي حكومة في أفغانستان يتم فرضها بالقوة العسكرية، أو عودة إمارة أفغانستان الإسلامية". وتقول المسودة "يندد مجلس الأمن بأشد العبارات الممكنة بالهجمات المسلحة لقوات طالبان على مدن وبلدات في أنحاء أفغانستان، فيما أسفر عن سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى المدنيين". وتؤكد المسودة أيضاً أن المجلس مستعد "لفرض عقوبات إضافية على المسؤولين عن انتهاكات لحقوق الإنسان، أو انتهاكات للقانون الإنساني الدولي، بمن فيهم الضالعون في هجمات استهدفت مدنيين، وعلى الأفراد أو الكيانات المشاركين في أو الداعمين لأعمال تهدد السلم أو الاستقرار أو الأمن". تسريع عملية السلام ووقف الهجمات ودعا مبعوثون من الولايات المتحدة والصين وروسيا ودول أخرى الخميس إلى تسريع عملية السلام في أفغانستان باعتبار ذلك "مسألة ملحة للغاية" وإلى وقف فوري للهجمات على عواصم الأقاليم والمدن في أفغانستان. جاء ذلك في بيان مشترك صدر عقب محادثات في قطر، حيث التقى المبعوثون بمفاوضين عن الحكومة الأفغانية وممثلين لـ"طالبان". وجدد البيان التأكيد على أن العواصم الأجنبية لن تعترف بأي حكومة في أفغانستان "يتم فرضها من خلال استخدام القوة العسكرية". ودعا البيان إلى "وقف أعمال العنف والاعتداءات على الفور على عواصم المحافظات والمدن الأخرى"، وحث الجانبين على اتخاذ خطوات للتوصل إلى تسوية سياسية ووقف شامل لإطلاق النار في أسرع وقت ممكن. وعبر المشاركون في محادثات الدوحة، والذين شملوا أيضاً باكستان والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، عن التزامهم بالمساعدة في إعادة الإعمار لدى التوصل إلى تسوية سياسية "قابلة للتطبيق بعد مفاوضات حسن النية بين الجانبين". من جانبه، قال متحدث باسم حركة "طالبان" إن السقوط السريع للمدن الكبرى في أفغانستان يشير إلى ترحيب الأفغان بالحركة، كما نقلت وكالة "رويترز". وأضاف المتحدث "لن نغلق الباب أمام المسار السياسي".