رحيل بلا وداع..!! كتبه/ علي الجبيلي شكلت شخصية علي جبلي بكل ملامح البساطة والتسامح مع الآخرين ظاهرة شخصية مميزة في جازان وجزءا من تاريخها الاجتماعي خلال الأربعين أو الخمسين سنة الأخيرة … وربما تفوق على أمثاله من المستثمرين اليمنيين والحضارم الذين كان لوجودهم بصمة في تطور حركتها التجارية والاقتصادية مع بعض وجهاء وتجار البلد .. وبعض أبناء المناطق الأخرى قاطني هذه المنطقة شئنا ذلك أم أبينا ، اتفقنا في تفاصيل أو اختلفنا في أخرى. مؤخرا كتبنا كثيرا أنا وزملاء آخرون عن هذه الشخصية و تحاورنا عنها كثيرا .. المهم قبل ليلتين مررنا من جانب مطعمه الشهير في الميدان بالمطلع وقلت لأولادي ياليت نتوقف دقائق عند مطعم علي جبلي فمنذ أزمتي الصحية الأخيرة منذ أكثر من سنة ونصف لم ادخل المطعم…؟!! ولكن لسوء المواقف واصلنا سيرنا إلى داخل البلد.. وكنت اقول لو سمع علي جبلي نصيحتي في شكل المطعم ومواقفه الخارجية لكان ذلك خيرا له..!! وقبيل مغرب البارحة مررت بمطعم شعبي حديث وطلبت منه اكلات شعبية سريعة.. سفرية فرد السفرجي على عجالة وقال عمي هذه تجدها في مطعم الجبلي … فقلت له شكرا لست بحاجة إلي استشارتك. المهم بعد جلسة فحص مع الأطباء المشرفين على حالتي… بعد العشاء ليلة البارحة خرجنا من المستشفى لأتفاجأ بخبر وفاته في نفس هذا المستشفى يرحمه الله ولم أتمكن من العودة لأتأكد من صحة الخبر الذي أكده لي تفصيلا ابن أخيه إبراهيم. ولكن وقد تتفقون معي في الرأي نجاح علي جبلي الباهر اجتماعيا مرده إلى انصهاره وسط هذا المجتمع وحرصه على تطوير مهاراته وأفراد عمله في مجال تخصصه وهو الطبخ وتركيزه على صناعة الأكلات الشعبية . وكذلك هو لا يقول (لا) لأي مهمة ضيافة عالية التكلفة والجهد والوقت.. فتراه لا يتوانى في تأمين كل المناسبات الكبيرة في المنطقة وفي أوقات صعبة أو متأخرة … كما أنك لا تستطيع أن ترى أي متعهد مناسبات يغامر لتغطية مناسبات كبيرة في قمم جبال شاهقة أو وسط أودية سحيقة أو في جزر بعيدة.. وترى سيارته ومعداته تعاني الأمرين في وسط الظروف الجغرافية المعقدة للوصول في المكان والموعد المحدد بأفضل حال ، فكانت هذه بصمة خضراء له لا ينساها أبناء المنطقة. وحينما طلبنا المشاركة بمطعم شعبي في مهرجان الجنادرية عبر قرية جازان التراثية لبى المهمة الصعبة في مغامرة صعبة…بعد سلسلة اعتذارات منه ما لبثت أن حققت مشاركته نجاحا كبيرا في عرض اكلات المنطقه الشعبية والتراثية لسنوات بعد أن تراجع المتعهدون السعوديون في إقامة مطعم مماثل هناك…مع الأسف . وأصبح مطعمه مزارا رئيسيا حتى رجالات السلك الدبلوماسي وشخصيات مختلفة سواء في الجنادرية أم في جازان …. أخيرا علي جبلي الذي اكتسب ببساطته الهوية الجازانية… كنت أسعد كثيرا حينما يترك عمله ويتوجه للمقابر للمشاركة في تشييع الجنائز ومواساة أهل المتوفين.. لقد كان ذلك نموذجا عاليا من الوفاء لأهل البلد وذلك منذ مايقارب ال٣٥عاما قضيتها أنا في جيزان المدينة. وفي السنوات الأخيرة و الشيب يغزو لحيته ورأسه وسنوات العمر المنصرمة تثقل مشيته.. كنت اتساءل في نفسي وأقول لو مات هذا الرجل في جازان فهل سيجد احتفاءا يليق بهذا الحضور والمشاركة في أفراح وأتراح أبناء هذا البلد…؟!! الآن هاهم أبناء جازان يضجون بالحزن لرحيل رجل وفي.. عاش بينهم لما يقارب من نصف قرن أو اكثر وهذه مواقعهم التويترية والسنابيه وقرَوباتهم تعبر عن فقدهم والمهم لرحيل هذا الرجل النبيل الذي عاش بينهم معززا مكرما ويرجون أن تستمر أسرته ورفاق عمله في عمل مطعهم بنفس النكهة والطعم التي اختارها لها علي جبلي كعلامة فارقة ستبقى على مدار العصور…. إلى جنات الخلد صديق الجميع أبا محمد (إنا لله وإنا إليه راجعون)