بعد تداول تصريحات للرئيس التركي في الإعلام مفادها أن المملكة العربية السعودية قامت بالضغط على السلطات الباكستانية وهددتها بقطع المساعدات المالية في حال مشاركة إسلام أباد في القمة المصغرة بكوالالامبور(فيما نفت المملكة هذه المزاعم)، اتجهت العلاقات بين باكستان وتركيا إلى البرودة ومستقبل مجهول. الخارجية الباكستانية أدانت بتصريحات أردوغان وأرسلت خطابا سريا إلى خارجية تركيا تطلب منها التوضيح حول تصريحات أردوغان، كما صرحت الخارجية الباكستانية أن عدم مشاركة باكستان في القمة المذكورة جاء حفاظا على وحدة الأمة الإسلامية وتجنبا من الانقسامات في العالم الإسلامي. وكان من المنطقي سياسيا أن يقوم عمران خان بزيارة إلى أنقرة لإرضاء صديقه وشقيقه وتقديم الاعتذار لاردوغان على إلغاء المشاركة المؤكدة في القمة، ولكنه لم يفعل ذلك لأن اردوغان أساء إلى باكستان وقدمها أمام العالم كأنها دولة لا سلطة لها تدار من الخارج. تصريحات أردوغان هذه أغضبت السلطات الباكستانية والشعب الباكستاني، واعتبروها انتهاكا وإساءة واضحة لسيادة دولتهم. اضطر أردوغان بسبب تصريحاته لقيام زيارة إلى باكستان لإعادة الأمور إلى نصابها، ولكن طلباته لترتيب الزيارة قوبل بالرفض من الطرف الباكستاني مرتين, وفي المرة الثالثة بتنسيق ماليزي تم تحديد موعد الزيارة. مع أن أردوغان يعتقد أنه يتمتع بشعبية كبيرة لدى الشعب الباكستاني إلا أنه هذه المرة فقد شعبيته وأدرك حقيقة هذا الأمر, والجانب الأهم في هذه الزيارة هو تجاهل القيادة العسكرية الباكستانية لأردوغان, حيث لم يستقبله قائد القوات المسلحة لا في المطار ولا في مكتبه, ومن هنا يعتقد الكثير من الخبراء والمحللين أن أردوغان غير مرحب به لدى القيادة العسكرية في باكستان,ٍ فالرجل الذي غير مرحب لدى القيادة العسكرية غير مرحب أيضا لدى الشعب بكل تأكيد، لأن الشعب الباكستاني يرى أن قوة وثقل دولتهم على الساحة الدولية هي بسبب الجيش وليس بسبب الساسة. أردوغان الذي يطمح قيادة العالم الاسلامي لا يعرف ان القيادة لهذه الأمة تتطلب تضحيات وأفعال وليس خطابات أو هتافات. فور وصول الرئيس التركي إلى اسلام اباد بالغت وسائل الاعلام الإخونجية وعلى رأسها الجزيرة القطرية في وصف مراسم الاستقبال لأردوغان, واتجهت الجزيرة الى التساؤل ” استقبال باذخ لأردوغان في إسلام أباد, هل من رسائل قوية للسعودية؟) وأنا أتساءل الجزيرة وقطيعة الإخونج ” تجاهل تام من القيادة العسكرية الباكستانية لأردوغان, هل من رسائل قوية لأردوغان والإخوان والجزيرة ومرتزقيها؟ هل نسيت الجزيرة مراسم الاستقبال التاريخية لمحمد بن سلمان لدى وصوله إلى إسلام أباد؟ هل تتذكر الجزيرة الطائرات العسكرية التي استقبلت محمد بن سلمان في سماء باكستان؟ أين ذهبت هذه الطائرات وقت وصول خليفة الإخوان إلى باكستان؟ لماذا رفضت القيادة العسكرية الباكستانية استقبال أردوغان؟ هل تجاهل القيادة العسكرية الباكستانية لأردوغان مؤشر لأفول نجمه هناك؟ هل شاهدنا توقيع اتفاقيات بالمليارات خلال زيارة أردوغان كما شاهدناه خلال زيارة بن سلمان؟ هل كانت هناك عطلات رسمية في إسلام أباد بمناسبة زيارة أردوغان كما حدث بمناسبة زيارة الأمير محمد بن سلمان؟ هل قامت الصحف الباكستانية المرموقة بترحيب أردوغان باللغة التركية على صفحاتهم الأولى مثل قيام هذه الصحف بترحيب محمد بن سلمان باللغة العربية على صفحاتهم الأولى؟ هل أعلن أردوغان إخلاء سبيل السجناء الباكستانيين في تركيا كما أعلن الأمير محمد بن سلمان؟ هل قامت تركيا بتقديم حزمات مالية بالمليارات لباكستان لدعم اقتصادها كما فعلت السعودية والإمارات؟ هل نسي مرتزقوا الجزيرة قيام الرئيس الباكستاني بتقليد محمد بن سلمان بأرقى وسام دولة في القصر الرئاسي؟ وهل ينسى أحد مشاهد الاستقبال التاريخي التي قدمته باكستان على شرف سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان؟ وبكل جزم ووثوق نقول إن الشعب الباكستاني ينظر إلى القيادة السعودية بعين التقدير والاحترام ويعتبرونها قادة العالم الاسلامي الحقيقيين. لأن المملكة تفضّل تقديم تضحيات وأفعال للأمة بدل الخطابات والهتافات كما يفعله أردوغان. أردوغان حسب عادته زار باكستان وخاطب البرلمان ورجع دون تقديم أي مساعدات أو صفقات أواتفاقيات ثنائية. الاستقبال الفاتر لأردوغان في إسلام اباد يحمل رسالة قوية للإخونج ويؤكد أن أردوغان غير مرحب به في باكستان سواء لدى الساسة والعسكريين أوالشعب الباكستاني, وعليهم ان يدركوا أن اطماعهم في تنصيب خليفتهم في باكستان لن تحقق وأن المملكة العربية السعودية وقادتها ستظل هي القيادة الوحيدة التي ستقود العالم الإسلامي رغم حقد الأعداء.