فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركة PGPIC، أكبر مجموعة قابضة للبتروكيماويات في إيران، أمس الجمعة، بمبرر دعمها للحرس الثوري الإيراني المصنف إرهابيا وتمويلها لأنشطته، في خطوة قالت إنها تهدف إلى تجفيف منابع تمويل القوة العسكرية الإيرانية وحرمان النظام الإيراني من الأموال التي يستخدمها في زعزعة استقرار الشرق الأوسط.واستهدفت العقوبات شركة الخليج الفارسي للصناعات البتروكيماوية لتوفيرها الدعم المالي للذراع الاقتصادية للحرس الثوري الإيراني المسؤول عن برنامج الصواريخ الباليستية والبرنامج النووي.وقالت وزارة الخزانة الأمريكية، إن وزارة النفط الإيرانية منحت العام الماضي شركة خاتم الأنبياء، الذراع الاقتصادية والهندسية للحرس الثوري، عشرة مشاريع في صناعات النفط والبتروكيماويات بقيمة 22 مليار دولار، أي أربعة أضعاف الميزانية الرسمية للحرس الثوري الإيراني.وأوضحت الخزانة الأمريكية، في بيان صحفي، أنها فرضت أيضا عقوبات على شبكة المجموعة القابضة المؤلفة من 39 شركة فرعية للبتروكيماويات ووكلاء مبيعات أجانب. وأوضحت أن شركة الخليج والشركات التابعة لها تملك 40 بالمئة من الطاقة الإنتاجية للبتروكيماويات في إيران، وهي مسؤولة عن 50 بالمئة من إجمالي صادرات طهران من البتروكيماويات.وقال وزير الخزانة ستيفن منوتشين "باستهداف هذه الشبكة نعتزم قطع التمويل عن عناصر رئيسية من قطاع البتروكيماويات الإيراني تقدم الدعم للحرس الثوري."وتتزامن العقوبات الجديدة مع سعي إدارة الرئيس دونالد ترامب لزيادة الضغوط الاقتصادية والعسكرية على إيران بسبب برامجها للأسلحة النووية والصواريخ الباليستية، وكذلك لشنها حروبا بالوكالة في سوريا والعراق ولبنان واليمن.ووصف مسؤولون كبار في إدارة ترامب، العقوبات بأنها أحدث مثال على حملة اقتصادية واسعة النطاق على الاقتصاد الإيراني ستساعد في تجفيف مصادر تمويل الحرس الثوري،أحد أعمدة الجيش الإيراني.وقال أحد المسؤولين "سيبقى لذلك أثر مرعب للغاية على فرص أي انتعاش للاقتصاد الإيراني في المستقبل.. كانت هذه الصناعات إلى جانب الصناعات البترولية تعمل على مدى الأعوام الأربعين الماضية كنوع من صناديق الأموال السوداء المقننة للحرس الثوري الإيراني".وقال ثلاثة محليين ومسؤول سابق في وزارة الخزانة إن العقوبات الأخيرة لن يكون لها سوى أثر متواضع لأن الشركات غير الأمريكية تتجنب بالفعل التعامل مع قطاع البتروكيماويات الإيراني بسبب العقوبات الحالية.وتقضي العقوبات، التي أعادت الولايات المتحدة فرضها في الخامس من نوفمبر بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، بأن أي شخص يقوم بأي صفقة كبيرة في منتجات البتروكيماويات الإيرانية قد يتأثر بالفعل بقائمة عقوبات تشمل المنع من التعامل مع الولايات المتحدة. والمواطنون الأمريكيون ممنوعون بالفعل من جميع التعاملات تقريبا مع الاقتصاد الإيراني، وبالتالي فإن العقوبات الأخيرة تسري فحسب على الشركات والأفراد غير الأمريكيين.ومن شأن تلك الخطوة، التي أقدمت عليها واشنطن، الجمعة، أن تجعل شركة الخليج للصناعات البتروكيماوية و39 شركة فرعية تابعة لها "مواطنين ذوي تصنيف خاص"، وهو وضع يمنع فعليا الأشخاص الأمريكيين من التعامل معهم. وعلاوة على ذلك، فإن أي شخص يفعل ذلك يخاطر بأن يصبح" مواطنا ذا تصنيف خاص".ووصفت سوزان مالوني من معهد بروكينجز في واشنطن أحدث العقوبات الأمريكية بأنها "خطوة طبيعية تالية فيما أعتقد أنه مجموعة زائدة عن عمد من العقوبات المفروضة على انخراط إيران في الاقتصاد العالمي"، مضيفة أنه "حتى عندما يكون التأثير الصافي ضئيلا نسبيا، أعتقد أن الإدارة تعتمد على السلطات المتداخلة والعقبات التي تزيد الضغط على الإيرانيين وتخلق شعورا بأن الاقتصاد بأكمله محاصر".كما أوضح مسؤول سابق بوزارة الخزانة، اشترط عدم ذكر اسمه، "لا أعتقد أن معظم الشركات الكبيرة متعددة الجنسيات كانت تتعامل معهم على أي حال. إنها طريقة جيدة لإبقاء الضغط السياسي متصدرا الصفحات الأولى".وكانت صحيفة وول ستريت جورنال قد نقلت عن مسؤولين أمريكيين، قبل أسبوع، خبر تأجيل الإدارة لهذه العقوبات في ظل محاولة خفض وتيرة التصعيد بين طهران وواشنطن. لكن يبدو أن إدارة ترمب مصرة على الاستمرار في سياسة الضغط الأقصى ضد إيران.وتقول الصحيفة إن العقوبات تشير إلى الولايات المتحدة لا ترى بعد قابلية إيرانية جدية للتفاوض "الإدارة تستخدم وسائل إضافية مما بحوزتها للضغط على الحكومة الإيرانية".وفي سياق المتصل، قالت صحيفة ”أويل برايس“ النفطية الأمريكية، إن العقوبات، التي فرضتها واشنطن على صناعات البتروكيماويات الإيرانية، لن تؤثر على الأسواق الدولية، لأن لدى السعودية من حجم الإنتاج ومرونته في قطاع البتروكيماويات، ما يعوض الفاقد الإيراني ويضمن استقرار العرض والطلب.وقدرت ”أويل برايس“ عوائد الشركة الإيرانية، التي تعد ثاني أكبر الشركات من نوعها في الشرق الأوسط، بحوالي 5 مليارات دولار سنويا، بحسب بيانات 2018.وقالت على موقعها الإلكتروني إن "موضوع المقاطعة الأمريكية لشركة البتروكيماويات الإيرانية، كان قيد الدراسة في وقت مبكر، لكن إعلانه تأخر لم بعد توافر الشواهد المخابراتية عن ضلوع إيران بعملية تخريب السفن في المياه الاقتصادية لدولة الإمارات العربية المتحدة".وسجلت الصحيفة أن الشركات التي يديرها الحرس الثورس الإيراني، ومنها شركة البتروكيماويات، تموله بنسبة 20% من إجمالي تكاليفه السنوية، ونسبت هذه المعلومات إلى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، عندما كان مديرا للمخابرات المركزية.وجدير بالذكر أن البتروكيماويات هي ثاني أكبر صادرات إيران بعد البترول، وكانت تخطط إيران لبيع أكثر من 36 مليار دولار من البتروكيماويات خلال عامين، في ارتفاع عن 19 مليارا، عام 2015.ودخلت العلاقات الأمريكية الإيرانية في حالة من الاضطراب بعدما انسحب الرئيس الأمريكي انسحب العام الماضي من اتفاق 2015 بين إيران والقوى العالمية ناصبا العداء لإيران وفي محاولة لكبح طهران برنامجها النووي مقابل تخفيف بعض العقوبات.وزاد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران منذ أبريل بسبب تحركات واشنطن لقطع صادرات النفط الإيراني وإرسالها مجموعة حاملة طائرات إلى الشرق الأوسط لردع أي هجمات إيرانية على المصالح الأميركية، وبسبب الهجمات الأخيرة على ناقلات سعودية ونرويجية وإماراتية والتي ألقت واشنطن باللوم فيها على طهران في حين تنفي إيران مسؤوليتها عن الهجمات التي وقعت في 12 مايو الماضي على أربع ناقلات قبالة ساحل الإمارات.