عليكم أنتم أن تحكموا على هذه (الأحكام) التي أصدرها ثلاثة من القضاة المختلفين، كل حسب تقديره - وهي على فكرة بها شيء من (الكوميديا السوداء) - القاضي الأول في بريدة، حكم على ثلاثة شباب احتفلوا بعيد الحب (فالنتاين) بالسجن مددا تراوحت بين خمس وعشر سنوات، وجلد كل واحد منهم ٨٠٠٠ جلدة. والثاني في الرياض، فقد حكم على أربعة متهمين بالسجن مددا بين أربعة أشهر و٣٤ شهرا مع المنع من السفر بعد انقضاء مدة الحكم، وذلك لإدانتهم باستخراج جوازات سفر مزورة، والتنسيق لخروج مواطنين للقتال في سوريا والعراق. والثالث في الطائف، فقد حكم على رجل أفغاني (سنة واحدة)، وتغريمه (ألف ريال) وجلده (٥٠) جلدة، وذلك لتورطه في استخراج الغلمان والتحايل عليهم، وفعل الفاحشة بهم وتصويرهم. طبعا شيء مضحك وعجيب أن تكون معاقبة الشباب الذين احتفلوا (بعيد الحب) أشد وأقسى بمراحل ممن ارتكبوا التزوير ومساعدة الإرهابيين للقتال في العراق وسوريا، بل وأكثر ممن يستدرج الصغار ويفعل بهم الفاحشة ويصورهم (!!). أي عدل هذا وأي منطق وأي مزاج وأي تخبط بالأحكام؟! - (ياعيب الشوم) -، فعلا يا عيباه. هذا التخبط من وجهة نظري سببه المباشر هو: عدم تقنين الأحكام. وسبق لمجلس الوزراء الموقر أن أصدر في عام (٢٠٠٢) قرارا يقضي بتدوين الأحكام القضائية، وكان يهدف من ذلك إلى دعم الثقة بأحكام القضاء، وإقناع الناس بتجرد المحاكم وحيادها والتزامها بالقواعد الشرعية. وحسب ما قرأته منقولا عن (موفق النويصر): أنه وبعد مرور (١٢) عاما على صدور ذلك القرار لا يزال يراوح مكانه، فكل ما يستطيع الباحث الحصول عليه هو (٣) مدونات تم رفعها على موقع وزارة العدل الإلكتروني، في مجمل (1026) صفحة، مع توصية بتوزيعها على جميع القضاة وكبار المسؤولين في الدولة وعلى السفارات بالخارج ووزارات العدل في الدول العربية والإسلامية وكذلك على المهتمين والمختصين في مجال القضاء، دون الإشارة إلى متى وأين وكيف ستدخل حيز التنفيذ - انتهى طيب وفهمنا أن مجلس الوزراء أصدر مشكورا ذلك القرار، ولكن وبعدين؟! ما هي أو من هي الجهة التي تفعّله وتطبقه، وتفتح الباب على مصراعيه للنور والعدل، ولا تترك لأي مزاج أن يتلاعب بالأحكام كيفما راق له وشاء.